وحُذِفَ فاعل التزيين؛ لأن المزين لهم أمور كثيرة: منها خلق بعض الأشياء حسنة بديعة كمحاسن الذوات والمناظر، ومنها إلقاءُ حسنِ بعض الأشياء في نفوسهم وهي غير حسنة كقتل النفس، ومنها إعراضهم عمن يدعوهم إلى الإقبال على الأمور النافعة حتى انحصرت هممهم في التوغل من المحاسن الظاهرة التي تحتها العار لو كان بادياً، ومنها ارتياضهم على الانكباب على اللذات دون الفكر في المصالح، إلى غير ذلك من أمور يصلح كل منها أن يعد فاعلاً للتزيين حقيقة أو عرفاً؛ فلأجل ذلك طوى ذكرَ هذا الفاعل؛ تجنباً للإطالة. ٢/٢٩٤
١٢٤_ وقد استقريت مواقع التزيين المذموم فحصرتها في ثلاثة أنواع: الأول: ما ليس بزين أصلاً لا ذاتاً ولا صفة؛ لأن جَمِيْعَهُ ذمٌّ وأذىً، ولكنه زُيِّن للناس بأوهام وخواطر شيطانية، وتخييلات شعرية كالخمر.
الثاني: ما هو زينٌ حقيقةً لكن له عواقب تجعله ضراً وأذى كالزنا.
الثالث: ما هو زين لكنه يحف به ما يصيره ذميماً كنجدة الظالم، وقد حضر لي التمثيل لثلاثتها بقول طرفة:


والتعبير بصيغة المضارع لإفادة تجدد الخلق، وتكرره مع استحضار صورة هذا التطور العجيب استحضاراً بالوجه والإجمال الحاصل للأذهان على حسب اختلاف مراتب إدراكها، ويعلم تفصيلَه علماءُ الطب والعلوم الطبيعية، وقد بينه الحديث عن النبي": =إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يُرسل إليه الملَك فينفخُ فيه الروح+.
وقوله: [خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ] أي طوراً من الخلق بعد طور آخر يخالفه.
وهذه الأطوار عشرة: الأول: طورُ النطفة، وهي جسم مُخاطي مستدير أبيض خال من الأعضاء يشبه دودة، طوله نحو خمسة مليمتر.
الثاني: طورُ العلقة، وهي تتكون بعد ثلاثة وثلاثين يوماً من وقت استقرار النطفة في الرحم، وهي في حجم النملة الكبيرة طولها نحو ثلاثة عشر مليمتراً يلوح فيها الرأسُ، وتخطيطاتٌ من صور الأعضاء.
الثالث: طور المضغة وهي قطعةٌ حمراء في حجم النحلة.
الرابع: عند استكمال شهرين يصير طولُه ثلاثةَ سنتيمتر، وحجمُ رأسِه بمقدار نصف بقيته، ولا يتميز عُنُقُه، ولا وجهه، ويستمر احمرارُه.
الخامس: في الشهر الثالث يكون طوله خمسة عشر سنتيمتراً، ووزنه مائة غرام، ويبدو رسمُ جبهته وأنفه وحواجبه وأظافره، ويستمر احمرارُ جلدِه.
السادس: في الشهر الرابع يصير طوله عشرين سنتيمتراً، ووزنه ٢٤٠ غرامات، ويظهر في الرأس زَغَبٌ، وتزيد أعضاؤه البطْنية على أعضائه الصدْرية، وتتضح أظافره في أواخر ذلك الشهر.
السابع: في الشهر السادس يصير طوله نحو ثلاثين سنتيمتراً، ووزنه خمسمائة غرام، ويظهر فيه مطبقاً، وتتصلب أظافره.
الثامن: في الشهر السابع يصير طوله ثمانية وثلاثين سنتيمتراً، ويقل احمراراً جِلْدُهُ ويتكاثف جلده، وتظهر على الجلد مادة دهنية دسمة ملتصقة، ويطول شعر رأسه، ويميل إلى الشقرة، وتتقبب جمجمته من الوسط.


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
ولولا ثلاثٌ هُنَّ من عيشة الفتى وجَدِّك لم أَحْفَلْ متى قام عُوَّدِي
فمنهن سَبْقي العاذِلاتِ بشَربة كُمَيْتٍ متى ما تُعْلَ بالماءِ تُزْبِدِ
وتقصيرُ يومَ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجِبٌ بَبْهكَنَةٍ تحتَ الخِبَاءِ المُعَمَِّد