١٣٣_ ويدل على خروج المسلم من الإسلام تصريحه به بإقراره نصاً أو ضمناً؛ فالنص ظاهر، والضمن أن يأتي أحد بلفظ أو فعل يتضمن ذلك لا يحتمل غيره بحيث يكون قد نص الله ورسوله أو أجمع المسلمون على أنه لا يصدر إلا عن كافر مثل السجود للصنم، والتردد إلى الكنائس بحالة أصحاب دينها. ٢/٣٣٦
١٣٤_ وحكمة تشريع قتل المرتد _ مع أن الكافر بالأصالة لا يقتل _ أن الارتداد خروج فرد أو جماعة من الجامعة الإسلامية؛ فهو بخروجه من الإسلام بعد الدخول فيه ينادي على أنه لما خالط هذا الدين وجَدَه غير صالح، ووجد ما كان عليه قبل ذلك أصلح؛ فهذا تعريض بالدين واستخفاف به، وفيه _أيضاً_ تمهيد طريق لمن يريد أن يَنْسَلَّ من هذا الدين، وذلك يفضي إلى انحلال الجامعة؛ فلو لم يجعل لذلك زاجر ما انزجر الناس.
ولا نجد شيئاً زاجراً مثل توقع الموت؛ فلذلك جُعل الموت هو العقوبة للمرتد؛ حتى لا يدخل أحد في الدين إلا على بصيرة، وحتى لا يخرج منه أحد بعد الدخول فيه.
وليس هذا من الإكراه في الدين المنفي بقوله _تعالى_: [لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ] على القول بأنها غير منسوخة؛ لأن الإكراه في الدين هو إكراه الناس على الخروج من أديانهم، والدخول في الإسلام.
وأما هذا فهو من الإكراه على البقاء في الإسلام. ٢/٣٣٦_٣٣٧
١٣٥_ والميسر: قمار كان للعرب في الجاهلية، وهو من القمار القديم المتوغل في القدم كان لعاد من قبل، وأولُ مَنْ وَرَدَ ذِكْرُ لَعِبِ الميسر عنه في كلام العرب هو لقمان بن عاد، ويقال لقمان العادي، والظاهر أنه ولد عاد بن عوص بن إرم ابن سام، وهو غير لقمان الحكيم.
والعرب تزعم أن لقمان كان أكثر الناس لعباً بالميسر حتى قالوا في المثل: (أيسر من لقمان).
وزعموا أنه كان له ثمانية أيسار لا يفارقونه هم من سادة عاد وأشرافهم، ولذلك يشبهون أهل الميسر إذا كانوا من أشراف القوم بأيسار لقمان قال طرفة ابن العبد:
وهي مكية بالاتفاق وعن الحسن استثناء قوله _تعالى_: [وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ] لأنه كان يرى أنها نزلت في فرض الصلوات الخمس وأوقاتها.
ويرى أن فرض صلواتٍ خمسٍ وأوقاتها ما وقع إلا في المدينة، وإنما كان المفروض بمكة ركعتين كل يوم من غير توقيت، وهو من بناء ضعيف على ضعيف؛ فإن الجمهور على أن الصلوات الخمس فرضت بمكة في أوقاتها على أنه لا يتعين أن يكون المراد بالتسبيح في تلك الآية الصلوات، بل يحمل على ظاهر لفظه من كل قول ينزه به الله _تعالى_.
وأشذُّ منه ما روي عن أبي العالية أن قوله _تعالى_: [إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ] نزلت في يهود من المدينة جادلوا النبي"في أمر الدجال، وزعموا أنه منهم.
وقد جاء في أول السورة: [مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُو] والمراد بهم: المشركون.
وهذه السورة جعلت الستين في عداد ترتيب نزول السور نزلت بعد سورة الزمر وقبل سورة فصلت وهي أول سور آل حم نزولاً.
وقد كانت هذه السورة مقروءة عقب وفاة أبي طالب، أي سنة ثلاث قبل الهجرة، لما سيأتي أن أبا بكر قرأ آية: [أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ] حين آذى نفر من قريش رسول الله"حول الكعبة، وإنما اشتد أذى قريش رسول الله"بعد وفاة أبي طالب.
والسور المفتتحة بكلمة [حَم] سبع سور مرتبة في المصاحف على ترتيبها في النزول، ويدعى مجموعها (آل حم) جعلوا لها اسم (آل) لتآخيها في فواتحها.
فكأنها أسرة واحدة وكلمة (آل) تضاف إلى ذي شرف، ويقال لغير المقصود تشريفه: أهل فلان قال الكميت:
قرأنا لكم في آل حاميم آيةً | تَأَوَّلَها منا فقيهٌ ومُعرب |