وقد أكثر الإسلامُ شرحَ العقائدِ إكثاراً لا يشبهه فيه دين آخر، بل إنك تنظر إلى كثير من الأديان الصحيحة؛ فلا ترى فيها من شرح صفات الخالق إلا قليلاً. ٣/١٩٤
١١_ وحبط الأعمال: إزالة آثارها النافعة من ثواب ونعيم في الآخرة، وحياة طيبة في الدنيا.
وإطلاق الحبط على ذلك تمثيل بحال الإبل التي يصيبها الحبط وهو انتفاخ في بطونها من كثرة الأكل، يكون سبب موتها، في حين أكلت ما أكلت للالتذاذ به. ٣/٢٠٧
١٢_ وآدم اسم أبي البشر عند جميع أهل الأديان، وهو عَلَمٌ عليه وضعه لنفسه بإلهام من الله _تعالى_ كما وضع مبدأ اللغة.
ولا شك أنَّ مِنْ أول ما يحتاج إليه هو وزوجه أن يعبر أحدهما للآخر، وظاهر القرآن أن الله أسماه بهذا الاسم مِنْ قَبْلِ خروجه من جنة عدن ولا يجوز أن يكون اسمه مشتقاً من الأدمة، وهي اللون المخصوص؛ لأن تسمية ذلك اللون بالأدمة خاص بكلام العرب؛ فلعل العرب وضعوا اسم ذلك اللون أخذاً من وصف لون آدم أبي البشر. ٣/٢٢٩
١٣_ والسيد فيعل: من ساد يسود إذا فاق قومه في محامد الخصال حتى قدموه على أنفسهم، واعترفوا له بالفضل.
فالسؤدد عند العرب في الجاهلية يعتمد كفايةَ مهماتِ القبيلة والبذل لها، وإتعاب النفس لراحة الناس، قال الهذلي:

وإن سيادة الأقوام فاعلم لها صعداء مطلبها طويل
أترجو أن تسود ولن تُعَنَّى وكيف يسود ذو الدعة البخيل
وكان السؤدد عندهم يعتمد خلالاً مرجعها إلى إرضاء الناس على أشرف الوجوه، وملاكه بذل الندى، وكف الأذى، واحتمال العظائم، وأصالة الرأي، وفصاحة اللسان. ٣/٢٤٠
١٤_ والسيد في اصطلاح الشرع: من يقوم بإصلاح حال الناس في دنياهم وأخراهم معاً، وفي الحديث: =أنا سيد ولد آدم ولا فخر+ وفيه: =إن ابني هذا سيد+ يعني الحسن بن علي؛ فقد كان الحسن جامعاً خصال السؤدد الشرعي، وحسبك من ذلك أنه تنازل عن حق الخلافة؛ لجمع كلمة الأمة، ولإصلاح ذات البين.
ومعنى: [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ] ليس مثله شيء، فأقحمت كاف التشبيه على (مثل) وهي بمعناه؛ لأن معنى المثل هو الشبيه؛ فتعين أن الكاف مفيدة تأكيداً لمعنى المثل، وهو من التأكيد اللفظي باللفظ المرادف من غير جنسه، وحُسْنُه أنَّ المؤكد اسمٌ فأشبه مدخول كاف التشبيه المخالف لمعنى الكاف؛ فلم يكن فيه الثقل الذي في قول خطام المجاشعي:
وصاليات ككما يؤثفين(١)
وإذ قد كان المثل واقعاً في حيز النفي فالكاف تأكيد لنفيه؛ فكأنه نفيُ المثلِ عنه _تعالى_ بجملتين؛ تعليماً للمسلمين كيف يبطلون مماثلة الأصنام لله _تعالى_.
وهذا الوجه هو رأي ثعلب، وابن جني، والزجاج، والراغب، وأبي البقاء، وابن عطية.
وجعله في الكشاف وجهاً ثانياً، وقدم قبله أن تكون الكاف غير مزيدة، وأن التقدير: ليس شبيه مثله شيء.
والمراد: ليس شبه ذاته شيء، فأثبت لذاته مثلاً، ثم نفى عن ذلك المثل أن يكون له مماثل كناية عن نفي المماثل لذات الله _تعالى_ أي بطريق لازم اللازم؛ لأنه إذا نُفِي المثل عن مثله فقد انتفى المثل عنه؛ إذ لو كان له مثل لما استقام قولك: ليس شيء مثل مثله، وجعله من باب قول العرب: فلان قد أيفعت لِدَاتُه، أي أيفع هو فَكُنِّي بإيفاع لداته عن إيفاعه.
وقول رقيقة بنت صيفي(٢) في حديث سقيا عبدالمطلب: =ألا وفيهم الطيب الطاهر لداته+ ا هـ، أي ويكون معهم الطيب الطاهر يعني النبي".
وتبعه على ذلك ابن المنير في الانتصاف، وبعض العلماء يقول: هو كقولك ليس لأخي زيد أخ، تريد نفي أن يكون لزيد أخ؛ لأنه لو كان لزيد أخ لكان زيد أخاً لأخيه؛ فلما نفيت أن يكون لأخيه أخ فقد نفيت أن يكون لزيد أخ.
ولا ينبغي التعويل على هذا؛ لما في ذلك من التكلف والإبهام، وكلاهما مما ينبو عنه المقام.
(١) _ رجز وقبله:
لم يبق من آي بها تحيين غير حطام ورمادي كفتين
(٢) _ هي رقيقة بقافين بصيغة التصغير بنت صيفي (والصواب أبي صيفي) بن هشام بن عبدالمطلب.


الصفحة التالية
Icon