وفي تفسير ابن عطية عن عبد الله بن عمر، أنه قال: =ما رأيت أحداً أسود من معاوية بن أبي سفيان، فقيل له: وأبو بكر وعمر قال: هما خير من معاويةَ، ومعاويةُ أسود منهما+.
قال ابن عطية: =أشار إلى أن أبا بكر وعمر كانا من الاستصلاح وإقامة الحقوق بمنزلة هما فيها خير من معاوية، ولكن مع تَتَبُّعِ الجادةِ، وقلةِ المبالاة برضا الناس ينخرم فيه كثير من خصال السؤدد.
ومعاوية قد برز في خصال السؤدد التي هي الاعتمال في إرضاء الناس على أشرف الوجوه، ولم يواقع محذوراً+. ٣/٢٤٠_٢٤١
١٥_ والوجيه ذو الوجاهة وهي: التقدم على الأمثال، والكرامة بين القوم، وهي وصف مشتق من الوجه للإنسان وهو أفضل أعضائه الظاهرة منه، وأجمعها لوسائل الإدراك وتصريف الأعمال. ٣/٢٤٦
١٦_ والكهل: من دخل في عشرة الأربعين وهو الذي فارق عصر الشباب، والمرأة شَهْلَة بالشين، ولا يقال: كَهْلَة كما لا يقال: شهل للرجل إلا أن العرب قديماً سموا شهلاً مثل شهل بن شيبان الملقب: الفِند الزماني؛ فدلنا ذلك على أن الوصف أميت.
وقد كان عيسى _عليه السلام_ حين بعث ابن نَيِّفٍ وثلاثين. ٣/٢٤٧
١٧_ والقصص _بفتح القاف والصاد_: اسم لما يقص، يقال: قص الخبر قَصَّاً إذا أخبر به، والقص أخص من الإخبار؛ فإن القص إخبار بخبر فيه طول وتفصيل، وتسمى الحادثة التي من شأنها أن يخبر بها قصة بكسر القاف أي مقصوصة أي مما يقصها القصاص، ويقال للذي ينتصب لتحديث الناس بأخبار الماضينَ قصَّاص بفتح القاف.
فالقصص اسم لما يُقَصُّ، قال _تعالى_:[نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ].
وقيل: هو اسم مصدر وليس هو مصدراً، ومن جرى على لسانه من أهل اللغة أنه مصدر فذلك تسامح من تسامح الأقدمين؛ فالقَصُّ بالإدغام مصدر، والقصص بالفك اسم للمصدر واسم للخبر المقصوص. ٣/٢٦٧
وقد شمل نفي المماثلة إبطال ما نسبوا لله البنات، وهو مناسبة وقوعه عقب قوله: [جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً] الآية. ٢٥/٤٥_٤٧
٤_ وقوله: [بَيْنَهُمْ] ظرف مستقر هو صفة لـ[شُورَى].
والتشاور لا يكون إلا بين المتشاورين فالوجه أن يكون هذا الظرف إيماء إلى أن الشورى لا ينبغي أن تتجاوز من يهمهم الأمر من أهل الرأي، فلا يدخل فيها من لا يهمه الأمر، وإلى أنها سر بين المتشاورين قال بشار:
ولا تشهد الشورى أمراً غير كاتم
وقد كان شيخ الإسلام محمود بن الخوجة أشار في حديث جرى بيني وبينه إلى اعتبار هذا الإيماء إشارة بيده حين تلا هذه الآية، ولا أدري أذلك استظهار منه أم شيء تلقاه من بعض الكتب، أو بعض أساتذته، وكلا الأمرين ليس ببعيد عن مثله. ٢٥/١١٢_١١٣
١_ سميت في المصاحف العتيقة والحديثة (سورة الزخرف) وكذلك وجدتها في جوء عتيق من مصحف كوفي الخط مما كتب في أواخر القرن الخامس.
وبذلك ترجم لها الترمذي في كتاب التفسير من جامعه، وسميت كذلك في كتب التفسير.
وسماها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه (سورة حم الزخرف) بإضافة كلمة حم إلى الزخرف _على نحو ما بيناه في تسمية سورة (حم المؤمن)_ روى الطبرسي عن الباقر أنه سماها كذلك.
ووجه التسمية أن كلمة [وَزُخْرُفاً] وقعت فيها ولم تقع في غيرها من سور القرآن فعرفوها بهذه الكلمة.
وهي مكية: وحكى ابن عطية الاتفاق على أنها مكية، وأما ما روى عن قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن آية [وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ] نزلت بالمسجد الأقصى فإذا صح لم يكن منافياً لهذا لأن المراد بالمكي ما أنزل قبل الهجرة.
وهي معدودة السورة الثانية والستين في ترتيب نزول السور، نزلت بعد سورة فصلت وقبل سورة الدخان.
وعدت آيها عند العادين من معظم الأمصار تسعاً وثمانين، وعدها أهل الشام ثمانياً وثمانين. ٢٥/١٥٧