١_ منهجه في العقيدة: لقد سار _في الجملة_ على منهج السلف الصالح في أبواب العقيدة عدا آيات الصفات؛ فهو يسير فيها على وفق منهج الأشاعرة، وإن كان يخالفهم أحياناً، ويقترب من منهج السلف.
وإذا تعرَّض لتأويل آية جاء بأقوال السلف، وربما انتصر لهم، وإذا خالفهم في تأويل صفة أثنى عليهم، واعتذر لهم دون تعنيف أو تسفيه.
بل أحياناً يكون له في الصفة الواحدة قول يسير فيه على منهج أهل التأويل، وفي موضع آخر يوافق فيها السلف _كما في مسألة الرؤية_ فتراه _على سبيل المثال_ يتردد فيها في بعض المواضع، وفي سورة المطففين عند قوله _تعالى_: [كَلاَّ إِنَّهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوْبُوْن] تجده يثبت الرؤية، ولعلَّه رأيه الذي انتهى إليه.
ويُلتمس له العذر فيما وقع فيه من تأويلٍ وقع فيه كثير من المفسرين _ بأنه نشأ في بيئة علمية أشعرية؛ فهذا بالنسبة لباب الصفات.
أما بقية أبواب العقيدة كإثبات الوحدانية، أو الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر _ فهو يسير فيها _في الجملة_ على طريقة السلف.
وكذلك الحال بالنسبة لباب الإيمان، وحكم مرتكب الكبيرة، ومسألة الشفاعة، ومسائل الحكمة والتعليل، وفي باب الصحابة وغير ذلك من أبواب العقيدة _ يسير فيها على وفق منهج السلف.
بل إنه يرد على المخالفين في ذلك؛ فتراه يناقش المعتزلة، والخوارج في مسألة مرتكب الكبيرة، ويُفنِّد رأيهم، وتراه يُخطِّئ الفلاسفة ويرد عليهم في عدد من المسائل كقولهم: بعلم الله بالكليات دون الجزئيات، وقولهم: في صدور المعلول عن العلة، أو إن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد.
وأيَّاً ما كان فليس القصد من ذكر أنها تخرج من طور سيناء إلا التنبيه على أنه منبتها الأصلي، وإلا فإن الامتنان بها لم يكن موجهاً يومئذ لسكان طور سيناء.
وما كان هذا التنبيه إلا للتنويه بشرف منبتها، وكرم الموطن الذي ظهرت فيه.
ولم تزل شجرة الزيتون مشهورة بالبركة بين الناس، ورأيت في لسان العرب عن الأصمعي عن عبد الملك بن صالح: =أن كل زيتونة بفلسطين فهي من غرس أمم يقال لهم اليونانيون+. اهـ
والظاهر أنه يعني به زيتون زمانهم الذي أخلفوا به أشجاراً قديمة بادت.
وفي أساطير اليونان (ميثولوجيا) أن منيرفا ونبتون (الرَّبَّيْن في اعتقاد اليونان) تنازعا في تعيين أحدهما؛ ليضع اسماً لمدينة بناها (ككرابيس) فحكمت الأرباب بينهما بأن هذا الشرف لا يناله إلا من يصنع أنفع الأشياء؛ فأما (نبتون) فأوجد فرساً بحرياً عظيم القوة، وأما (مينيرفا) فصنعت شجرة الزيتون بثمرتها؛ فحكم الأرباب لها بأنها أحق؛ فلذلك وضعوا للمدينة اسم (اثينا) الذي هو اسم منيرفا.
وزعموا أن (هيركول) لما رجع من بعض غزواته جاء معه بأغصان من الزيتون، فغرسها في جبل (أولمبوس) وهو مسكن آلهتهم في زعمهم.
فقد كان زيت الزيتون مستعملاً عند اليونان من عهد (هوميروس) إذ ذكر في الإلياذة(١) أن (أخيل) سكب زيتاً على شلو (فطر قليوس) وشلو (هكتور).
وكان الزيت نادراً في معظم بلاد العرب؛ إذ كان يجلب إلى بلاد العرب من الشام. ١٨/٣٥_٣٧
٦_ وجملة [هَيْهَاتَ] بيان لجملة [يَعِدُكُمْ] فلذلك فصلت، ولم تعطف.
و[هَيْهَاتَ] كلمة مبنية على فتح الآخر، وعلى كسره _أيضاً_.
وقرأها الجمهور بالفتح، وقرأها أبو جعفر بالكسر.

(١) _ الإلياذة: قصيدة طويلة جداً، تشتمل على حكايات وأساطير، وتُنسب للشاعر اليوناني الضرير هوميروس، ويُنسب إليه _أيضاً_ الأوديَّة، وهي قريبة من الإلياذة. (م)


الصفحة التالية
Icon