وبعد طول تردد في تسمية هذا الكتاب سميته بـ: (التقريب لتفسير التحرير والتنوير) (١).
وقد جعلته في جزأين، ووضعت لكل جزء فهرساً مفصلاً؛ ليسهل على القارئ الوصولُ إلى مراده، وليكون ذلك عوناً له على القراءة.
وأخيراً أسأل الله _بأسمائه الحسنى وصفاته العلى_ أن ينفع بهذا العمل، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يغفر للشيخ ابن عاشور، وأن يسكنه فسيح جناته؛ إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
محمد بن إبراهيم الحمد
الزلفي: ص. ب: ٤٦٠
١٣/٢/١٤٢٩هـ
جامعة القصيم _ كلية الشريعة وأصول الدين
قسم العقيدة
www.toislam.net
alhamad@toislam.net
قبل الدخول في سيرة ابن عاشور، ومنهجه المجمل والمفصل في تفسيره _ يحسن التنبيه إلى الأمور التالية:
١_ أن هذه المباحث التي يشتمل عليها منهج ابن عاشور في تفسيره أشبه ما تكون بالقراءة، أو الانطباع العام؛ فلم يكن المقصود _ابتداءً_ دراسة هذا الكتاب بقدر ما كان إبرازاً لمزاياه، ولفتاً للأنظار إليه.
وليس من ضرورة ذلك تتبع المؤلف في كل صغيرة وكبيرة، والوقوف عند كل شاردة وواردة في تفسيره.
٢_ أن ابن عاشور عالم كبير متفنِّن، وقد أمضى ما يقرب من أربعين سنة في تفسيره؛ فيحتاج في مناقشته في بعض الأمور إلى كبير مثله، أو مجموعة متخصصين في شتى الفنون؛ فلا يحسن _والحالة هذه_ أن يسارع إلى تخطئته؛ لقوة عارضته، وكثرة مخارجه، وجزالة عبارته، وإن كان هذا الأمر نسبياً، ويختلف من شخص لآخر.
٣_ أن كلامه في بعض المواضع يحمل على بعض؛ فقد يظهر في موضعٍ ما إشكال، أو إجمال؛ فإذا انتقلت إلى موضع آخر في نفس الموضوع ربما زال الإشكال.
٤_ أننا بحاجة إلى إبراز الوجه المشرق _وما أكثره_ في سير علمائنا ومؤلفاتهم.

(١) _ سبق أن استللتُ من هذا الكتاب قبل طبعه كتابين، وهما (أغراض السور في تفسير التحرير والتنوير) و(مدخل لتفسير التحرير والتنوير).

والتعريضُ بالمشركين بتكبُّرِهم عن سُنّةِ إبراهيمَ _عليه السلام_ الذي ينتمون إليه، ويحسبون أنهم حماةُ دينهِ، وأمناءُ بيته، وهم يخالفونه في أصل الدين.
وتذكيرٌ لهم بما مَنَّ اللهُ عليهم في مشروعية الحج من المنافع؛ فكفروا نِعْمَتَه.
وتنظيرُهم في تلقي دعوةِ الإسلام بالأمم البائدة الذين تلقَّوا دعوة الرسل بالإعراض والكفر؛ فحل بهم العذاب.
وأنه يوشك أن يَحِلَّ بهؤلاء مِثْلُهُ؛ فلا يَغُرَّهم تأخيرُ العذاب؛ فإنه إملاءٌ مِنَ اللهِ لهم كما أملى للأمم مِنْ قَبْلِهِمْ، وفي ذلك تأنيسٌ للرسول _عليه الصلاة والسلام_ والذين آمنوا، وبشارة لهم بعاقبة النصر على الذين فَتَنوهم وأخرجوهم من ديارهم بغير حقٍّ.
وأن اختلافَ الأممِ بين أهل هدىً وأهل ضلالٍ أمرٌ به افترقَ الناسِ إلى مللٍ كثيرة.
وأن يومَ القيامةِ هو يومُ الفصلِ بينهم لمشاهدة جزاءِ أهلِ الهدى وجزاءِ أهلِ الضلال.
وأن المهتدين والضالين خصمان اختصموا في أمر الله؛ فكان لكلِّ فريقٍ جزاؤه.
وسَلّى اللهُ رسولَه _عليه الصلاة والسلام_ والمؤمنين بأن الشيطانَ يُفْسِدُ في قلوب أهل الضلالة آثارَ دعوةِ الرسلِ، ولكنَّ اللهَ يُحكم دينَه، ويبطل ما يلقي الشيطان؛ فلذلك ترى الكافرين يُعْرِضُون، وينكرون آياتِ القرآن.
وفيها التنويهُ بالقرآنِ والمتلقين له بخشية وصبر، ووصفُ الكفارِ بكراهيتهم القرآن، وبغضِ المُرْسَلِ به، والثناءُ على المؤمنين، وأن اللهَ يَسَّرَ لهم اتباعَ الحنيفيةِ وسماهم المسلمين.
والإذنُ للمسلمين بالقتال، وضمانُ النصرِ، والتمكينُ في الأرض لهم.
وخُتِمَتِ السورةُ بتذكير الناسِ بِنِعَمِ اللهِ عليهم، وأن اللهَ اصطفى خَلْقاً مِنَ الملائكة ومِنَ الناس؛ فأقبل على المؤمنين بالإرشاد إلى ما يقربهم إلى الله زلفى، وأن الله هو مولاهم وناصرُهم. ١٧/١٨٣_١٨٥
٧_ فأما المجوس فهم أهل دين يثبت إلهين: إلهاً للخير، وإلهاً للشر، وهم أهل فارس.


الصفحة التالية
Icon