١_ تعريف البلاغة: هي الإتيان بالكلام الخالي من التعقيد، الخالص من تنافر الكلمات وضعف التأليف، المطابق لمقتضى الحال الذي يتمكن في النفوس مع صورة مقبولة، ومعرض حسن.(١)
وهذا التعريف يشمل أقسام البلاغة الثلاثة.
٢_ تعريف علم المعاني: هو ما يبحث عن مطابقة الكلام لمقتضى حال التعبير.(٢)
وقيل: هو قواعدُ يُعرف بها كيفية مطابقة الكلام مقتضى الحال؛ حتى يكون وَفْقَ الغرض الذي سيق له.(٣)
ويدخل تحت علم المعاني أبواب عديدة وهي: الخبر، والإنشاء، والذكر، والحذف، والتقديم، والتعريف، والتنكير، والتقييد، والخروج عن مقتضى الظاهر، والقصر، والفصل، والوصل، والإيجاز، والإطناب، والمساواة.
ولكل واحد من هذه الأبواب تعريفات، ويدخل تحته عدد من المباحث لا يتسع المجال لذكرها، ويمكن الرجوع إليها في كتب البلاغة.
وفائدة هذا العلم: الوقوف على أسرار البلاغة، ومعرفة وجه إعجاز القرآن وما اشتمل عليه من حسن التأليف، وبراعة التركيب، وما تضمنه من عذوبة، وجزالة، وسلاسة.
ولهذا ترى الشيخ ابن عاشور × يورد هذه المصطلحات كثيراً؛ فتارة يقول: في هذه الآية حذف، أو يقول: والتنكير ههنا للتعظيم أو التفخيم، وهكذا.
وربما تطرق لبعض ما يدخل تحت الأبواب السابقة من أبواب علم المعاني، فيقول: وهذه الآية، أو في هذه الآية تذييل، أو اعتراض، أو تتميم، أو تكرير، أو تكميل.
وهذه المصطلحات _على وجه الخصوص_ ترد كثيراً في التفسير، وهي داخلة ضمن باب الإطناب.
أ_ فالتذييل: هو الإتيان بجملة مستقلة عقب الجملة الأولى التي تشتمل على معناها للتأكيد.
وتحت التذييل أضرب وتقسيمات.
وقد أكثر ابن عاشور في تفسيره من إيراد التذييل؛ لما له من الأهمية، والشرف.

(١) _ انظر كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري ص١٠، والإيضاح للخطيب القزويني ص١٩.
(٢) _ انظر أليس الصبح بقريب لابن عاشور ص٢٢٢.
(٣) _ علوم البلاغة لأحمد مصطفى المراغي ص٤١.

ولم يظهر وجه وصفها بهذا الوصف، ولعلها أول سورة جمعت ذكر الرسل أصحاب الشرائع المعلومة إلى الرسالة المحمدية. ١٩/٨٩
٢_ وهي مكية، فقيل جميعها مكي، وهو المروي عن ابن الزبير، ورواية عن ابن عباس ونسبه ابن عطية إلى الجمهور، وروي عن ابن عباس أن قوله _تعالى_: [وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ] إلى آخر السورة نزل بالمدينة؛ لذكر شعراء رسول الله"حسان بن ثابت وابن رواحة وكعب بن مالك، وهم المعني بقوله: [إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ] الآية.
ولعل هذه الآية هي التي أقدمت هؤلاء على القول بأن تلك الآيات مدنية.
وعن الداني قال: نزلت [وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ] في شاعرين تهاجيا في الجاهلية. ١٩/٨٩
٣_ وأقول: كان شعراء بمكة يهجون النبي"منهم النضر بن الحارث، والعوراء بنت حرب زوج أبي لهب ونحوهما، وهم المراد بآيات [وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ].
وكان شعراء المدينة قد أسلموا قبل الهجرة وكان في مكة شعراء مسلمون من الذين هاجروا إلى الحبشة ١٩/٨٩
٤_ وهي السورة السابعة والأربعون في عداد نزول السور نزلت بعد سورة الواقعة، وقبل سورة النمل. ١٩/٩٠
٥_ وقد جعل أهل المدينة وأهل مكة وأهل البصرة عدد آيها مائتين وستاً وعشرين، وجعله أهل الشام وأهل الكوفة مائتين وسبعاً وعشرين. ١٩/٩٠
٦_ الأغراض التي اشتملت عليها: أولها التنويهُ بالقرآن، والتعريضُ بعجزهم عن معارضته، وتسليةُ النبي"على ما يلاقيه من إِعْراضِ قومه عن التوحيد الذي دعاهم إليه القرآن.
وفي ضِمْنِهِ تهديدُهم على تَعَرُّضهم لغضب الله _تعالى_ وضربُ المثل لهم بما حَلَّ بالأمم المكذبةِ رُسُلَها، والمُعْرِضَةِ عن آيات الله.


الصفحة التالية
Icon