قال أبو هلال العسكري ×: =وللتذييل في الكلام موقع جليل، ومكان شريف خطير؛ لأن المعنى يزداد به انشراحاً، والمقصد انفتاحاً+(١).
وقال: =فأما التذييل فهو إعادة الألفاظ المترادفة على المعنى بعينه؛ حتى يظهر لمن لم يفهمه، ويتوكد عند من فهمه+(٢).
ب_ والاعتراض: هو أن يؤتى في أثناء الكلام أو بين كلامين متصلين معنىً _ بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب.
وهو من دقائق البلاغة وله فوائد عديدة.
ج _ والتتميم: هو أن يُؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود بِفَضْلَه، كمقول أو حال أو نحو ذلك لقصد المبالغة.
د_ والتكرير: يراد به تكرير المعاني والألفاظِ، وحَدُّهُ تكرير اللفظ على المعنى مردداً.
هـ _ والتكميل: هو ما يُسمى بالاحتراس وهو أن يُؤتى بكلام يوهم خلاف المراد بما يدفعه.
و_ الإدماج: أحدُ ضروب الإطناب، وهو أن يُدمج المتكلم غرضاً في جملة من المعاني قدْ نحاه؛ ليوهم السامع أنه لم يقصده، وإنما عرض في كلامه لتتمة معناه الذي قصد.
ومن أمثلة ذلك قول الله _تعالى_: [وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُوْنَ شَهْراً].
ومعناه أن الوالدة تكلفت بحمل مولودها، ورضاعه ثلاثين شهراً، وأدمج فيه أن أقل الحمل ستة أشهر؛ إذ يسقط من الثلاثين شهراً _ حَوْلان؛ للرضاع، بدليل قوله _تعالى_: [والوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ].
فيبقى للحمل ستة أشهر، وهو أقله. (٣)
والأمثلة على ما مضى كثيرة في تفسير ابن عاشور.
٣_ تعريف علم البيان: هو علم يُعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه. (٤)
ويدخل تحت هذا الفن ثلاثة أبواب هي:

(١) _ كتاب الصناعتين ص٣١٣.
(٢) _ كتاب الصناعتين ص٣١٣.
(٣) _ انظر بغية الإيضاح لتلخيص علوم المفتاح لعبدالمتعال الصعيدي ١/٣٥_٢٤٠ و٢/٣_١٦٠، وعلوم البلاغة ص٤١_٢٠٦، ومعجم البلاغة العربية د. بدوي طبانة، ص٢٢٧_٢٢٨.
(٤) _ انظر بغية الإيضاح ٣/٢_٣.

وأَحْسِبُ أنها نزلت إِثْرَ طلبِ المشركين أن يأتِيَهم الرسولُ بخوارقَ؛ فافتتحت بتسلية النبي"وتثبيتٍ له، ورباطةٍ لجأشه بأن ما يلاقيه من قومه هو سنةُ الرسل من قبله مع أقوامهم مثل موسى وإبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب؛ ولذلك خَتَم كلَّ استدلال جيء به على المشركين المكذبين بتذييل واحد هو قوله: [إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ] تسجيلاً عليهم بأن آيات الوحدانية، وصدقَ الرسلِ عديدةٌ كافيةٌ لمن يتطلب الحق.
ولكن أكثرَ المشركين لا يؤمنون، وأن اللهَ عزيزٌ قادرٌ على أن يُنْزِلَ بهم العذاب، وأنه رحيم برسله؛ فَناصِرُهم على أعدائهم.
قال في الكشاف: =كلُّ قصةٍ من القصص المذكورة في هذه السورة كتنزيل برأسه.
وفيها من الاعتبار ما في غيرها؛ فكانت كلُّ واحدةٍ منها تُدْلي بحقٍّ في أن تختم بما اخْتُتِمت به صاحبتُها، ولأن في التكرير تقريراً للمعاني في الأنفس، وكلما زاد ترديدُه كان أمكنَ له في القلب، وأرسخَ في الفهم، وأبعدَ من النسيان، ولأن هذه القصصَ طُرِقَتْ بها آذانٌ وَقَرَتْ عن الإنصات للحق؛ فَكُوثرت بالوعظ والتذكير، وروجعت بالترديد والتكرير؛ لعل ذلك يفتح أذناً، أو يفتق ذهناً+ ا هـ.
ثم التنويهُ بالقرآن، وشهادةُ أهل الكتاب له، والردُّ على مطاعنهم في القرآن وجعلِه عضين، وأنه منزهٌ عن أن يكون شعراً ومن أقوال الشياطين، وأمر الرسول"بإنذار عشيرته، وأن الرسول ما عليه إلا البلاغ، وما تخلل ذلك من دلائل. ١٩/٩٠_٩١
٧_ والخُلُق في اصطلاح الحكماء: مَلَكَةٌ أي كيفية راسخة في النفس، أي متمكنة من الفكر تصدر بها عن النفس أفعال صاحبها بدون تأمل.


الصفحة التالية
Icon