أ_ التشبيه. ب_ الحقيقة والمجاز. ج_ الكناية.
أ ــ التشبيه: هو إلحاق أمرٍ (المُشَبَّه) بأمرٍ (المشَبَّه به) في معنى مشترك (وجه الشبه) بأداة (الكاف أو ما في معناها) لغرض (فائدة).
ومما سبق يتبيَّن أن للتشبيه أربعة أركان، وهي المشبَّه، والمشبَّه به، وهذان طرفا التشبيه، ووجه الشبه، والأداة.
مثال: زيد كالأسد.
فالمشبَّه زيد، والمشبَّه به الأسد، ووجه الشبه الشجاعة، والأداة الكاف.
وللتشبيه فوائد عديدة منها إيضاح المعنى المقصود مع الإيجاز والاختصار.
ومنها ما يُحدثه في النفس من تأثير، وذلك بما يحدثه فيها من الأنس بإخراجها من خفي إلى جلي كالانتقال مما يحصل بالفكرة إلى ما يعلم بالفطرة، أو بإخراجها مما لم تألف إلى ما ألفته، أو مما لا تعلمه إلى ما هي به أعلم كالانتقال من المعقول إلى المحسوس إلى ذلك من فوائده وآثاره.(١)
هذا ويدخل تحت باب التشبيه تقسيمات وتفريعات كثيرة كالتفصيل في أركان التشبيه، وأغراضه، وأقسامه، وغرائبه، ومحاسنه، وعيوبه.
ب ــ الحقيقة والمجاز: وهو الفن الثاني من أبواب علم البيان، وذلك مما يرد كثيراً في كتب البلاغة، والأصول، والعقائد وغيرها، وفيما يلي نبذة يسيرة عن الحقيقة والمجاز.
_ تعريف الحقيقة: هي الكلمة المستعملة فيما هي موضوعة له من غير تأويل في الوضع.
أو هي: استعمال اللفظ فيما وضع له في الأصل.
مثل كلمة (أسد): تدل على الحيوان المعروف، وكلمة (الشمس): تدل على الكوكب العظيم المعروف، وكلمة (البحر): تدل على الماء العظيم الملح؛ وهكذا جميع ألفاظ اللغة.
_ تعريف المجاز: المجاز في اللغة: اسم مكان كالمطاف والمزار، والألف فيه منقلبة عن واو، وقيل: هو مصدر ميمي، أي بمعنى: التجوُّز.
وفي الاصطلاح: هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له في الأصل؛ لعلاقة بين المعنيين الحقيقي والمجازي مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
فَخُلُقُ المرء: مجموع غرائز _أي طبائع نفسية_ مؤتلفة من انطباع فكري: إما جِبِلِّي في أصل خلقته، وإما كَسْبِيٌّ ناشئٌ عن تمرُّن الفكر عليه، وتقلده إياه؛ لاستحسانه إياه عن تجربةِ نَفْعِهِ، أو عن تقليد ما يشاهده من بواعث محبة ما شاهد.
وينبغي أن يسمى اختياراً من قول أو عمل لذاته، أو لكونه من سيرة من يحبه ويقتدي به، ويسمى تقليداً، ومحاولته تسمى تخلقاً، قال سالم بن وابصة:
عليك بالقصيد(١) فيما أنت فاعله | إن التخلُّقَ يأتي دونه الخُلُق |
وقد يتغير الخُلُقُ تغيراً تدريجياً بسبب تجربة انجرار مضرة من داعيه، أو بسبب خوف عاقبة سيئة من جرائه بتحذير من هو قدوة عنده؛ لاعتقاد نصحه، أو لخوف عقابه، وأول ذلك هو المواعظ الدينية. ١٩/١٧٢
٨_ ومثلت حال الشعراء بحال الهائمين في أودية كثيرة مختلفة؛ لأن الشعراء يقولون في فنون من الشعر من هجاء واعتداء على أعراض الناس، ومن نسيب وتشبيب بالنساء، ومدح من يمدحونه؛ رغبة في إعطائه وإن كان لا يستحق المدح، وذم من يمنعهم وإن كان من أهل الفضل، وربما ذموا من كانوا يمدحونه، ومدحوا من سبق لهم ذمه. ١٩/٢٠٩
٩_ وشفع مذمتهم هذه بمذمة الكذب فقال: [وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ] والعرب يتمادحون بالصدق، ويعيرون بالكذب، والشاعر يقول ما لا يعتقد، وما يخالف الواقع حتى قيل: أحسن الشعر أكذبه.
والكذب مذموم في الدين الإسلامي؛ فإن كان الشعر كذباً لا قرينة على مراد صاحبه فهو قبيح، وإن كان عليه قرينة كان كذباً معتذراً عنه؛ فكان غير محمود.