٢_ والفسر: الإبانة، والكشف لمدلول كلام أو لفظ بكلام آخر هو أوضح لمعنى المفسر عند السامع، ثم قيل: المصدران والفعلان متساويان في المعنى، وقيل: يختص المضاعف بإبانة المعقولات. ١/١٠
٣_ والتفسير في الاصطلاح نقول: هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن، وما يستفاد منها باختصار أو توسع. ١/١١
٤_ وموضوع التفسير: ألفاظ القرآن من حيث البحثُ عن معانيه، وما يستنبط منه.
وبهذه الحيثية خالف عِلْمَ القراءات؛ لأن تمايز العلوم _ كما يقولون _ بتمايز الموضوعات، وحيثيات الموضوعات. ١/١٢
٥_ والتفسير أول العلوم الإسلامية ظهوراً؛ إذ قد ظهر الخوض فيه في عصر النبي"إذ كان بعض أصحابه قد سأل عن بعض معاني القرآن كما سأله عمر÷عن الكلالة، ثم اشتهر فيه بعد من الصحابة علي وابن عباس وهما أكثر الصحابة قولاً في التفسير، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وعبد الله ابن مسعود، وعبد الله بن عمرو بن العاص _ رضي الله عنهم _.
وكثر الخوض فيه، حين دخل في الإسلام من لم يكن عربي السجية؛ فلزم التصدي لبيان معاني القرآن لهم، وشاع عن التابعين وأشهرهم في ذلك مجاهد وابن جبير.
وهو _أيضاً_ أشرف العلوم الإسلامية ورأسها على التحقيق. ١/١٤
٤_ قال _تعالى_:[وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ] فجمع في آية واحدة خبرين، وأمرين، ونهيين، وبشارتين.
فالخبران هما: [وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوْسَى] وقوله: [فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ] لأنه يُشْعِر أنها ستخاف عليه.
والأمران هما: [أَرْضِعِيْهِ] و [أَلْقِيْهِ].
والنهيان: [وَلاَ تَخَافِي] و [لاَ تَحْزَنِي].
والبشارتان: [إِنَّا رَادُوْهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوْهُ مِنَ المُرْسَلِيْن].
والخوف: توقع أمر مكروه، والحزن: حالة نفسية تنشأ من حادث مكروه للنفس كفوات أمر محبوب، أو فقد حبيب، أو بعده، أو نحو ذلك.
والمعنى: لا تخافي عليه الهلاك من الإلقاء في اليم، ولا تحزني على فراقه.
والنهي عن الخوف وعن الحزن نهي عن سببيهما، وهما توقع المكروه، والتفكر في وحشة الفراق.
وجملة:[إِنَّا رَادُوْهُ إِلَيْكِ] في موقع العلة للنهيين؛ لأن ضمان رده إليها يقتضي أنه لا يهلك، وأنها لا تشتاق إليه بطول المغيب.
وأما قوله:[وَجَاعِلُوْهُ مِنَ المُرْسَلِيْن] فإدخال للمسرة عليها. ٢٠/٧٤_٧٥
٥_ وقرة العين: كناية عن السرور وهي كناية ناشئة عن ضدها، وهو سخنة العين التي هي أثر البكاء اللازم للأسف والحزن؛ فلما كني عن الحزن بسخنة العين في قولهم في الدعاء بالسوء: أسخن الله عينه، وقول الراجز:

أوه أديم عرضه وأسخن بعينه بعد هجوع الأعين
أتبعوا ذلك بأن كنوا عن السرور بضد هذه الكناية فقالوا: قرة عين، وأقر الله عينه؛ فحكى القرآن ما في لغة امرأة فرعون من دلالة على معنى المسرة الحاصلة للنفس ببليغ ما كنى به العرب عن ذلك وهو قرة عين.
ومن لطائفه في الآية أن المسرة المعنية هي مسرة حاصلة من مرأى محاسن الطفل كما قال _تعالى_: [وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي]. ٢٠/٧٨


الصفحة التالية
Icon