وكذلك لفظ " البر والتقوى " فحيث أفرد البر دخل فيه امتثال الأوامر واجتناب النواهي، وكذلك إذا أفردت التقوى. ولهذا يرتب الله على البر وعلى التقوى عند الإطلاق: الثواب المطلق والنجاة المطلقة كما يرتبه على الإيمان.
وتارة يُفسِّر أعمال البر بما يتناول أفعال الخير وترك المعاصي، وكذلك في بعض الآيات تفسير خصال التقوى، كما في قوله: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾ [آل عمران: ١٣٣، ١٣٤] إلى آخر ما ذكره من الأوصاف التي تتم بها التقوى.
وإذا جمع بين البر والتقوى مثل قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: ٢] كان
[ البر ] اسماً جامعاً لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. وكانت [ التقوى ] اسماً جامعاً يتناول ترك جميع المحرمات.
وكذلك لفظ [ الإثم ] و [ العدوان ] إذا قرنا، فسر الإثم بالمعاصي التي بين العبد وبين ربه، والعدوان بالتجرىء على الناس في دمائهم وأعراضهم. وإذا أفرد [ الإثم ] دخل فيه كل المعاصي التي تُؤثِّم صاحبها، سواء كانت بينه وبين ربه أو بينه وبين الخلق، وكذلك إذا أفرد [ العدوان ].
وكذلك لفظ [ العبادة والتوكل ] ولفظ [ العبادة والاستعانة ] إذا أفردت العبادة في القرآن تناولت جميع ما يحبه الله ويرضاه ظاهراً وباطناً، ومن أول وأهم ما يدخل فيها: التوكل والاستعانة. وإذا جُمع بينها وبين التوكل والاستعانة نحو ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥]
﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: ١٢٣] فسرت العبادة بجميع المأمورات الباطنة والظاهرة، وفسر التوكل باعتماد القلب على الله في حصولها وحصول جميع المنافع ودفع المضار ـ مع الثقة التامة بالله في حصولها ـ.