والله تعالى قد أمرنا بالتفكر والتدبر لكتابه، فإذا تدبرنا الألفاظ العامة، وفهمنا أن معناها يتناول أشياء كثيرة، فلأي شيء نخرج بعض هذه المعاني، مع دخول ما هو مثلها ونظيرها فيها (١) ؟ ولهذا قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه " إذا سمعت الله يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ فأرعها سمعك، فإنه إما خير تُؤمر به، وإما شر تُنهى عنه ".
فمتى مر بك خبر عن صفات الله وأسمائه، وعما يستحقه من الكمال، وما يتنزه عنه من النقص. فأثبت له جميع ذلك المعنى الكامل الذي أثبته سبحانه لنفسه ونزّهه عن كل ما نزه نفسه عنه، وكذلك إذا مر بك خبر عن رسله وكتبه واليوم الآخر، وعن جميع الأمور السابقة واللاحقة، فاجزم جزماً لا شك فيه أنه حق على حقيقته، بل هو أعلى أنواع الحق والصدق، قيلا و حديثا.
وإذا أمر بشيء نظرت إلى معناه، وما يدخل فيه وما لا يدخل، وعلمت أن ذلك الأمر موجه إلى جميع الأمة، وكذلك في النهي.
ولهذا كانت معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله أصلَ كل الخير والفلاح، والجهل بذلك أصل كل الشر والخسران.

(١) قال الشيخ ابن عثيمين " الأصل أن العام شامل لجميع أفراده، قال العلماء: وصورة السبب قطعية الدخول و ما عداها فدخولها ظني، العام يشمل صورا متعددة، فصورة السبب التي نزلت الأية من أجلها قطعية الدخول. مثال: المرأة التي اشتكت إلى الرسول عليه الصلاة و السلام زوجَها قطعية الدخول في آية الظهار في سورة المجادلة، و ظهار غيرهما ظني الدخول في الآية لاحتمال أن لا يراد بالعموم جميع أفراده لكن الحكم يشملها إما بالعموم اللفظي الصحيح و إما بالعموم المعنوي و هو القياس لعدم الفارق " انتهى بتصرف.


الصفحة التالية
Icon