ج ١، ص : ٧٧
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) السماء كل ما في الجهة العليا فوق رءوسنا، واستوى إليها أي قصدها قصدا مستويا بلا عاطف يثنيه من إرادة خلق شىء آخر في أثناء خلقها.
(فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) أي أتمّ خلقهنّ فجعلهنّ سبع سموات تامات الخلق والتكوين.
وفي الآية إيماء إلى أن خلق الأرض وما فيها كان سابقا على تسوية السموات سبعا، وهذا لا يخالف قوله تعالى :(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ ؟ بَناها، رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها، وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها، وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) لأن كلمة (بعد) فيها بعدية في الذكر لا في الزمان، فمن استعمالاتهم أن يقولوا : أحسنت إلى فلان بكذا، وقدمت إليه المعونة وبعد ذلك ساعدته في عمله، على معنى وزيادة على ذلك ساعدته، أو أن الذي كان بعد خلق السماء هو دحو الأرض : أي تمهيدها للسكنى والاستعمار، لا مجرد خلقها وتقدير الأقوات فيها.
(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي إن هذا النظام المحكم لا يكون إلا من لدن حكيم عليم بما خلق، فلا عجب أن يرسل رسولا يوحى إليه بكتاب لهداية من يشاء من عباده يضرب فيه الأمثال بما شاء من مخلوقاته، جل أو حقر، عظم أو صغر.
[سورة البقرة (٢) : آية ٣٠]
وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٠)
تفسير المفردات
خليفة : أي عن نوع آخر، أو خليفة عن اللّه في تنفيذ أوامره بين الناس، السفك والسفح والسكب : الصبّ، والتسبيح : تنزيهه تعالى عما لا يليق به، والتقديس : إثبات ما يليق من صفات الكمال.