ج ١٠، ص : ١٦٥
وقد أظهره اللّه عليه وأنبأه بأنهم سينكرونه إذا سألهم ويحلفون على إنكارهم ليصدقهم كدأبهم من قبل، فقد كانوا يحلفون للمؤمنين ليرضوهم كما قال تعالى « اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً » ويخوضون فى آيات اللّه وفى رسوله استهزاء خرجوا به من الإيمان الذي يدّعونه إلى الكفر الذي يكتمونه فقال :
(يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا، وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) أي يحلفون باللّه إنهم ما قالوا تلك الكلمة التي نسبت إليهم، واللّه يكذبهم ويثبت أنهم قد قالوا كلمة الكفر التي رويت عنهم، ولم يذكر القرآن هذه الكلمة لأنه لا ينبغى ذكرها، ولئلا يتعبد المسلمون بتلاوتها، وأصح ما قيل فيها ما
رواه ابن جرير والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضى اللّه عنه قال :« كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالسا فى ظل شجرة فقال : إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا جاء فلا تكلّموا، فلم يلبثوا أن طلع رجل أرزق فدعاه رسول اللّه فقال له : علام تشتمنى أنت وأصحابك ؟ فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا باللّه ما قالوا، فتجاوز عنهم فأنزل اللّه : يحلفون باللّه ما قالوا » الآية.
أما همّهم بما لم ينالوا فهو اغتيال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى العقبة منصرفه من تبوك - ذاك أنه
لما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قافلا من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ناس من المنافقين فتآمروا أن يطرحوه من عقبة فى الطريق، فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فلما غشيهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخبر خبرهم فقال : من شاء منكم أن يأخذ ببطن الوادي فإنه أوسع لكم. وأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العقبة وأخذ الناس ببطن الوادي إلا النفر الذين هموا بالمكر برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإنهم لما سمعوا بذلك استعدوا وتلثّموا وقد هموا بأمر عظيم، وأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حذيفة ابن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم قد غشوه، فغضب


الصفحة التالية
Icon