ج ١٣، ص : ٧٠
الإيضاح
(وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ؟ ) أي وإن تعجب من عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع من الأصنام والأوثان بعد أن قامت الأدلة على التوحيد، فأعجب منه تكذيبهم بالبعث واستبعادهم إياه بقولهم :
(أَ إِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ؟ ) أي أ ئذا فنينا وبلينا نعاد بعد العدم، مع أنهم لا ينكرون قدرته تعالى على إيجادهم بداءة ذى بدء وتصويرهم فى الأرحام وتدبير شئونهم حالا بعد حال.
وقد تكرر هذا الاستفهام فى أحد عشر موضعا فى تسع سور من القرآن :
فى الرعد، والإسراء، والمؤمنون، والنحل، والعنكبوت، والسجدة، والصافات، والواقعة، والنازعات! وكلها تتضمن كمال الإنكار وعظيم الاستبعاد.
ثم وصف أولئك المنكرين للبعث فقال :
(أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) أي أولئك الذين جحدوا قدرة ربهم وكذبوا رسوله على ما عاينوا من آياته الكبرى التي ترشدهم إلى الإيمان وتهديهم سبيل الرشاد لو كانوا يبصرون - هم الذين تمادوا فى عنادهم وكفرهم، فإن إنكار قدرته تعالى إنكار له لأن الإله لا يكون عاجزا.
(وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) أي وأولئك مقيدون بسلاسل وأغلال من الضلال تصدهم عن النظر فى الحق واتباع طريق الهدى والبعد عن الهوى كما قال :
كيف الرشاد وقد خلّفت فى نفر لهم عن الرشد أغلال وأقياد
وقد يكون المعنى - إنهم يوم القيامة عند العرض للحساب توضع الأغلال فى أعناقهم كما يقاد الأسير الذليل بالغل، ويؤيده قوله تعالى :« إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ».
(وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي وأولئك هم الماكثون فى النار دار