ج ١٤، ص : ٨٤
وأنه باعثهم بعد مماتهم يوم القيامة أحياء، ومن قبل هذا جرءوا على مخالفة الرسل، ووقعوا فى الكفر والمعاصي.
ثم ذكر سبحانه الحكمة فى المعاد، وقيام الأجساد يوم التناد فقال :
(لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) أي بل يبعثهم ليبين لهم وجه الحق فيما جاء به الرسل وخالفتهم فيه أممهم، فيمتاز الخبيث من الطيب، والمطيع من العاصي، والظالم من المظلوم، إلى نحو أولئك مما كان مدار دعوة أولئك الرسل وأنكرته الأمم الذين أرسلوا إليهم، ويجزى الذين أساءوا بما عملوا، ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى.
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) أي وليعلم الذين جحدوا وقوع البعث والجزاء أنهم كانوا كاذبين فى قولهم : لا يبعث اللّه من يموت، وسيدعون إلى نار جهنم دعّا، وتقول لهم الزبانية :« هذه النّار الّتى كنتم بها تكذّبون. أ فسحر هذا أم أنتم لا تبصرون. أصلها فاصبروا أولا تصبروا سواء عليكم إنّما تجزون ما كنتم تعملون ».
ثم أخبر سبحانه عن كامل قدرته، وأنه لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء فقال :
(إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي إنا إذا أردنا أن نبعث من يموت فلا تعب علينا ولا نصب فى إحيائه ولا بعثه، لأنا إذا أردنا ذلك فإنما نقول له : كن فيكون، لا معاناة فيه، ولا كلفة علينا.
ونحو الآية قوله :« فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » وقوله :
« وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ » وقوله :« ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ ».
وخلاصة هذا - إنه تعالى مثّل حصول المقدورات وفق مشيئته، وسرعة حدوثها حين إرادته، بسرعة حصول المأمور حين أمر الآمر وقوله، دون هوادة ولا تراخ.