ج ١٤، ص : ٨٨
المعنى الجملي
بعد أن ذكر جلت قدرته ما قاله المشركون من أنهم لا حاجة بهم إلى الأنبياء، لأن الحاجة إليهم إنما تدعو لو كانت هناك حياة أخرى يحاسبون فيها، وهم لا يصدقون بها، وليس من المعقول أن تكون - أردف ذلك بشبهة أخرى لهم إذ قالوا هب اللّه أرسل رسولا فليس من الجائز أن يكون بشرا فاللّه أعلى وأجل من أن يكون رسوله واحدا من البشر، فلو بعث إلينا رسولا لبعثه ملكا، ثم أجاب عن هذه الشبهة بأن سنة اللّه أن يبعث رسله من البشر، وإن كنتم فى شك من ذلك فاسألوا أهل الكتاب عن ذلك ثم هددهم أن يخسف بهم الأرض كما خسف بقارون، أو يأتيهم بعذاب من السماء فيهلكهم بغتة كما فعل بقوم لوط، أو يأخذهم وهم يتقلبون فى أسفارهم ومعايشهم، أو يأخذهم طائفة بعد أخرى ثم أعقب هذا بما يدل على كمال قدرته فى تدبير أحوال العالم العلوي والسفلى على أتم نظام وأحكم تقدير.
الإيضاح
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ) أي وما أرسلنا من قبلك رسلا إلى أممهم للدعوة إلى توحيدنا والانتهاء إلى أمرنا - إلا رجالا من بنى آدم نوحى إليهم لا ملائكة.
ومجمل القول - إنا لم نرسل إلى قومك إلا مثل الذين كنا نرسلهم إلى من قبلهم من الأمم أي رسلا من جنسهم وعلى منهاجهم.
روى الضحاك عن ابن عباس أن اللّه لما بعث محمدا صلى اللّه عليه وسلّم أنكر العرب ذلك وقالوا اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشرا فأنزل اللّه :« أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ » الآية.
ونحو الآية قوله :« وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ » وقوله :« ما هذا


الصفحة التالية
Icon