ج ١٦، ص : ٣٥
أنهم كانوا من شرار بنى إسرائيل، فخافهم ألا يحسنوا خلافته فى أمته، لا فى الدين ولا فى المال، ولا فى السياسة التي تتبع فى إدارة شؤونها.
وقد عرف زكريا عليه السلام ببعض الأمارات أن عصبته وهم إخوته وبنو عمه ربما استمروا على عادتهم فى الشر والفساد فخافهم على الدين أن يغيّروه، وألا يحسنوا الخلافة على أمته، فطلب عقبا من صلبه يقتدى به فى إحيائه، وينهج نهجه فيه فقال :
(فهب لى من لدنك وليا. يرثنى ويرث من آل يعقوب « ١ » واجعله رب رضيا) أي أعطني من واسع فضلك، وعظيم جودك وعطائك، لا بطريق الأسباب العادية ولدا من صلبى، يرث الحبورة منى، ويرث من بنى ماثان ملكهم (قال الكلبي كان بنو ماثان رؤس بنى إسرائيل وملوكهم، وكان زكريا رئيس الأحبار يومئذ) ويكون برا تقيا مرضيا عندك وعند خلقك، تحبه ويحبونه لدينه وخلقه ومحاسن شيمه.
ونحو الآية قوله فى سورة آل عمران حكاية عنه « قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة » وقوله فى سورة الأنبياء « وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين ».
ثم أخبر سبحانه أنه أجاب دعاءه وتولى تسمية الولد بنفسه فقال :
(يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا) أي فاستجاب دعاءه وقال : يا زكريا إنا نبشرك بهبتنا لك غلاما اسمه يحي ى (معرّب يوحنا، ففى إنجيل متى أنه يدعى يوحنا المعمدانى لأنه كان يعمّد الناس فى زمانه) لم يسم أحد من قبله بمثل اسمه.
ثم ذكر جواب زكريا عند هذه البشرى مظهرا التعجب مما سمع :
(قال رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا ؟ ) أي ومن أي وجه يكون لى ذلك وامرأتى عاقر لا تحبل، وقد ضعفت من الكبر
(١) هو يعقوب بن ماثان وأخوه عمران بن ماثان والد مريم.