ج ١٦، ص : ٤٠
وإنما خص هذه المواضع الثلاثة، لأن العبد أحوج ما يكون إلى رضا ربه فيها لضعفه وحاجته وقلة حيلته، وافتقاره إلى رحمة ربه ورأفته به.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١٦ الى ٢١]
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (١٩) قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠)
قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١)
تفسير المفردات
انتبذت : أي اعتزلت وتنحّت، مكانا شرقيا : أي شرقى بيت المقدس، حجابا :
أي ساترا تورات به منهم، روحنا : هو جبريل عليه السلام، سويا : أي سويّ الخلق كامل البنية، أعوذ : أي أعتصم وألتجئ، تقيا : أي مطيعا، لأهب لك : أي لأكون سببا فى هبته، غلاما : أي ولدا ذكرا، زكيا : أي طاهرا من الأدناس والأرجاس، أنى : أي كيف يكون ذلك ؟ آية : أي علامة على قدرة خالقكم، مقضيا : أي محتوما قد تعلق به قضاؤنا الأزلى.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر قصص زكريا عليه السلام وأنه أوجد منه فى حال كبره وعقم زوجه ولدا زكيا مباركا - أردف ذلك بذكر قصص مريم وأنه أنجب منها ولدا من غير أب،