ج ١٦، ص : ٧١
فحزن واشتد عليه ذلك، وقال المشركون إن ربه ودّعه وقلاه، فلما نزل قال له عليه السلام يا جبريل احتبست عنى حتى ساء ظنى، واشتقت إليك، فقال إنى إليك لأشوق، ولكنى عبد مأمور إذا بعثت نزلت، وإذا حبست احتبست، وأنزل اللّه هذه الآية »
وعن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لجبريل « ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟ فنزلت هذه الآية إلى آخرها ».
الإيضاح
(وما نتنزل إلا بأمر ربك) أي وما تنزل الملائكة بالوحى على الرسل وقتا بعد وقت إلا بأمر اللّه على ما تقتضيه حكمته، وتدعو إليه مصلحة عباده، ويكون فيه الخير لهم فى دينهم ودنياهم.
ثم علل الملك ذلك بقوله :
(له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) أي إنه تعالى هو المدبر لنا فى جميع الأزمنة مستقبلها وماضيها وحاضرها.
وقصارى ذلك - إن أمرنا موكول إلى اللّه تعالى يتصرف فينا بحسب مشيئته وإرادته لا اعتراض لأحد عليه، فلا ننتقل من مكان إلى مكان، ولا ننزل فى زمان دون زمان إلا بإذنه عزّ وجل.
(وما كان ربك نسيا) أي إنه تعالى لإحاطة علمه بملكه، لا يطرأ عليه غفلة ولا نسيان حتى يغفل عنك وعن الإيحاء إليك، وإنما كان تأخير الوحى لحكمة علمها جل شأنه.
أخرج ابن المنذر وابن أبى حاتم وابن مردويه والطبراني فى جماعة آخرين عن أبى الدرداء مرفوعا قال « ما أحل اللّه فى كتابه فهو حلال، وما حرمه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من اللّه عافيته، فإن اللّه لم يكن لينسى شيئا ثم تلا :
وما كان ربك نسيا ».
ثم أقام الدليل على ما تقدم بقوله :