ج ١٦، ص : ٧٩
إثما، ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر، إما بعذاب فى الدنيا يأتيه من حيث لا يحتسب، وإما بعذاب فى الآخرة لا قبل له بدفعه، وحينئذ يعلم أنه كان فى ضلال مبين، ويندم، ولات ساعة مندم.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
ولا يجد عن النار محيصا ولا مهربا.
(ويزيد الله الذين اهتدوا هدى) أي ويزيد اللّه الذين اهتدوا إلى الإيمان هدى بما ينزل عليهم من الآيات، عوضا مما منعوا من زينة الدنيا كرامة لهم من ربهم، كما بسط للضالين فيها لهوانهم عليه.
ومجمل هذا - إن من كان فى الضلالة من الفريقين يمهله اللّه وينفّس له فى حياته ليزداد فى الإثم والغىّ ويجمع له عذاب الدارين، ومن كان فى الهداية منهما يزيد اللّه فى هدايته ويجمع له خيرى السعادتين.
(و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا) أي والطاعات التي بها تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، وتصل إلى القرب من اللّه، ونيل رضوان - خير عند ربك منفعة وعاقبة مما منع به أولئك الكفرة من النعم الفانية التي يفخرون بها من مال وولد وجاه ومنافع تحصل منها، فإن عاقبة الأولين السعادة الأبدية، وعاقبة أولئك الحسرة الدائمة والعذاب المقيم.
وخلاصة هذا - إن الطاعات التي يبقى ثوابها لأهلها خير عند ربهم جزاء وخير عاقبة من مقامات هؤلاء المشركين باللّه وأنديتهم التي بها يفخرون على أهل الإيمان فى الدنيا.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٧ الى ٨٠]
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠)