ج ١٩، ص : ٨١
فافتح : أي احكم من الفتاحة بمعنى الحكومة، والفلك : يستعمل واحدا وجمعا، المشحون : أي المملوء
المعنى الجملي
بعد أن قص على رسوله صلى اللّه عليه وسلم قصص أبيه إبراهيم وما لقيه من تكذيب قومه له مع ما أرشدهم إليه من أدلة التوحيد وما حجهم به من الآيات - أردف هذا بقصص الأب الثاني وهو نوح عليه السلام، وفيه ما لا فاه من قومه من شديد التكذيب لدعوته وعكوفهم على عبادة الأصنام والأوثان وأنه مع طول الدعوة لهم لم يزدهم ذلك إلا عتوّا واستكبارا، وقد كان من عاقبة أمرهم ما كان لغيرهم ممن كذبوا رسل ربهم بعد أن أملى لهم بطول الأمد :« وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ » فأغرقهم الطوفان ولم ينج منهم إلا من حملته السفينة.
وهذا القصص مجمل تقدم تفصيله فى سورتى الأعراف وهود، وسيأتى بسطه أتم البسط فى سورة نوح.
الإيضاح
(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ ؟ ) أي كذبت قوم نوح رسل اللّه حين قال لهم أخوهم نوح : ألا تتقون اللّه فتحذروا عقابه على كفركم به وتكذيبكم رسله ؟.
وجعل تكذيب نوح تكذيبا للرسل جميعا، لأن تكذيبه يتضمن تكذيب غيره منهم إذ طريقتهم لا نختلف فهى فى كل مكان وزمان الدعوة إلى التوحيد وأصول الشرائع.
وقد حكى سبحانه عن نوح أنه خوفهم أوّلا بقوله : ألا تتقون ؟ لأن القوم إنما قبلوا تلك الأديان تقليدا، والمقلد إذا خوّف خاف، وما لم يستشعر بالخوف لا يشتغل بالاستدلال والنظر.