ج ٢٠، ص : ٨٧
ثم بين أن اختياره تعالى مبنى على العلم الصحيح لا اختيارهم فقال :
(وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ) أي إن اختياره من يختار منهم للإيمان به مبنى على علم منه بسرائر أمورهم وبواديها، فيختار للخير أهله فيوفقهم له، ويولّى الشر أهله ويخلّيهم وإياه.
ونحو الآية قوله :« سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ ».
ولما كان علمه بذلك جاء من كونه إلها واحدا فردا صمدا، وكان غيره لا يعلم من علمه إلا ما علّمه قال :
(وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي وهو المنفرد بالإلهية، فلا معبود سواه، ولا يحيط الواصفون بكنه عظمته، وهو العليم بكل شىء، القادر على كل شىء.
ثم ذكر بعض صفات كماله فقال :
(لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) أي هو المحمود فى جميع ما يفعل فى الدنيا والآخرة، لأنه المعطى لجميع النعم عاجلا وآجلا.
(وَلَهُ الْحُكْمُ) النافذ فى كل شىء، فلا معقّب لحكمه، وهو القاهر فوق عباده، وهو الحكم العدل اللطيف الخبير.
(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يوم القيامة فيجزى كل عامل جزاء عمله إن خيرا وإن شرا، ولا يخفى عليه منهم خافية.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٧١ الى ٧٣]
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣)