ج ٢١، ص : ٦٣
عليهم أن يتوكلوا على اللّه فى كل حال، ويلجئوا إليه بالاستغفار إذا احتبس عنهم المطر، ولا يبأسوا من روح اللّه، ويبادروا إلى الشكر بالطاعة إذا أصابهم جل وعلا برحمته، وأن يصبروا على بلائه إذا اعترى زرعهم آفة ولا يكفروا بنعمائه، لكنهم قد عكسوا الأمر، وأبوا ما يجديهم، وأتوا بما يؤذيهم.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٥٢ الى ٥٣]
فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣)
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه صنوف الأدلة، ثم ضرب المثل على توحيده ووجوب إرسال الرسل مبشرين ومنذرين، وصحة بعث الأجسام يوم القيامة، ووعد وأوعد بما لم يبق بعده مستزاد لمستزيد، ثم ما زادهم دعاء الرسول إلا إعراضا، ولا تكرار النصح إلا إصرارا وعنادا - أردف هذا تسليته على ما يراه من التمادي فى الإعراض، وكثرة العناد واللجاج، فأبان أن هؤلاء كأنهم موتى، فأنّى لك أن تسمعهم، وكأنهم صمّ، فكيف يسمعون دعاءك حتى يستجيبوا لك ؟ إنما الذي يستجيب من يؤمن بآيات اللّه، فهو إذا سمع كتابه تدبره وفهمه، فيخضع لك بطاعته، ويتذلل لمواعظ كتابه.
الإيضاح
(فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) أي إنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين قد ختم اللّه على أسماعهم، فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين سلبوا أسماعهم بأن تجعل لهم