ج ٢١، ص : ٦٤
أسماعا، ولا تقدر أن تهدى من تصامّوا عن فهم آيات كتابه فتجعلهم يسمعونها ويفهمونها كما لا تقدر أن تسمع الصم - الدعاء إذا ولّوا عنك مدبرين.
ثم بين أن الهداية والضلالة بيده لا بيد الرسول، فقال :
(وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) أي ليس فى طوقك أن تهدى من أضله اللّه، فتردّه عن ضلالته، بل ذلك إليه وحده، فإنه يهدى من يشاء، ويضل من يشاء، وليس ذلك لأحد سواه.
والخلاصة : إن هذا ليس من عملك، ولا بعثت لأجله.
ثم أكد ما سلف بقوله :
(إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) أي لا تسمع السماع الذي ينتفع به سامعه فيتّبعه، إلا من يؤمن بآياتنا، لأنه هو الذي إذا سمع كتاب اللّه تدبره وفهمه، وعمل بما فيه، وانتهى إلى حدوده التي حدها، فهو مستسلم خاضع له، مطيع لأوامره، تارك لنواهيه.
[سورة الروم (٣٠) : آية ٥٤]
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤)
المعنى الجملي
بعد أن ذكر دلائل الآفاق على وحدانيته أردفها دلائل الأنفس، فذكر خلق الأنفس، فى أطوارها المختلفة من ضعف إلى قوة، ثم انتكاسها وتغيير حالها من قوة إلى ضعف، ثم إلى شيخوخة وهرم. وبين أنه العليم بها فى مختلف أحوالها، القدير على تغييرها واختلاف أشكالها.


الصفحة التالية
Icon