ج ٢٤، ص : ١٣٠
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أن قرناء السوء يدعون إلى المعاصي - أردف ذلك ذكر حال أضدادهم الذين يدعون الناس إلى توحيد ربهم وطاعته، ثم أعقب هذا بأن الحسنة والسيئة لا يستويان ثوابا عند اللّه، تم أمر رسوله بدفع سفاهات المشركين وجهالاتهم بطريق الحسنى، لما في ذلك من تآلف القلوب، وارعواء النفوس عن غيّها، وثوبها إلى رشدها، وأرشد إلى أن هذه فعلة لا يتقبلها إلى الصابرون على احتمال المكاره، ومن لهم حظ عظيم من الثواب عند اللّه، ثم ختم ذلك بتلك النصيحة الذهبية، وهى أنه إذا صرف الشيطان المرء عن شىء مما شرعه اللّه فليتعوذ من شره ولا يطعه في أمره، واللّه سميع لما يقول، عليم بكل ما يفعل، وهو المجازى له على ذلك.
الإيضاح
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ؟ ) أي لا أحد أحسن قولا ممن جمع بين خصال ثلاث :
(١) الدعاء إلى توحيد اللّه وطاعته، قال ابن سيرين والسّدى وابن زيد والحسن :
والداعي هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، وكان الحسن إذا تلا هذه الآية يقول :
هذا رسول اللّه، هذا حبيب اللّه، هذا ولىّ اللّه، هذا صفوة اللّه، هذا خيرة اللّه، هذا واللّه أحب أهل الأرض إلى اللّه، أجاب اللّه في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب إليه.
(٢) العمل الصالح بعمل الطاعات، واجتناب المحرمات.
(٣) أن يتخذ الإسلام دينا ويخلص إلى ربه، من قولهم : هذا قول فلان أي مذهبه ومعتقده.
وقد يكون المراد أنه يتلفظ بذلك ابتهاجا بأنه منهم وتفاخرا به مع قصد الثواب.