ج ٢٤، ص : ١٣٢
عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعل الناس ذلك عصمهم اللّه من الشيطان، وخضع لهم عدوهم.
وروى أن رجلا شتم قنبرا مولى علىّ بن أبى طالب، فناداه علىّ يا قنبر دع شاتمك، واله عنه ترض الرّحمن، وتسخط الشيطان.
وقالوا : ما عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه، وللّه در القائل :
وللكفّ عن شتم اللئيم تكرما أضرّ له من شتمه حين يشتم
وقال آخر :
وما شىء أحبّ إلى سفيه إذا سبّ الكريم من الجواب
متاركة السفيه بلا جواب أشدّ على السفيه من السبّاب
وقال محمود الوراق :
سألزم نفسى الصفح عن كل مذنب وإن كثرت منه لدىّ الجرائم
فما الناس إلا واحد من ثلاثة شريف ومشروف ومثل مقاوم
فأما الذي فوقى فأعرف قدره وأتبع فيه الحق والحق لازم
وأما الذي دونى فإن قال صنت عن إجابته عرضى وإن لام لائم
وأما الذي مثلى فإن زلّ أو هفا تفضلت إن الفضل بالحلم حاكم
وقال آخر :
إن العداوة تستحيل مودة بتدارك الهفوات بالحسنات
قال مقاتل : نزلت الآية في أبى سفيان بن حرب كان معاديا للنبى صلّى اللّه عليه وسلم فصار له وليّا في الإسلام، حميما بالمصاهرة.
ثم نبه إلى عظيم فضل هذه الطريق بقوله :
(وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) أي وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا الصابرون