ج ٢٥، ص : ٨٧
أخرج الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم « لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ».
وكذلك لو أعطيت هذه النعم والسرر والأبواب المصنوعة من الذهب والفضة للمؤمنين، حتى ليصير الناس كلهم هكذا، لأخلّت بالمقصود من الإيمان، لأن الترف والنعيم يحجب العقول عن عالم الروحانيات والرقى العقلي، فقلّ من يتخلص من شرك هذه الآفات، فالشهوات والزينة والزخارف للعقول أشبه بالقاذورات للأجسام، والأجسام القذرة يحوم حولها الذباب، فيلقى فيها بيوضه لتفرخ فى القروح والعيون، ويخرج ذباب يعيش من تلك القاذورات، وهكذا النفوس الضعيفة تعيش فيها النفوس المماثلة لها من عالم الشياطين، وتلقى إليها بذور الفساد، فتزرع فيها وتحصدها النفوس خزيا وعارا فى الدنيا والآخرة وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله :
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٣٦ الى ٤٥]
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٠)
فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (٤٤) وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)