ج ٢٦، ص : ١١٥
(٤) إنّهم لهم سيمى يعرفون بها، فلهم نور فى وجوههم، وخشوع وخضوع يعرفه أولو الفطن.
(٥) إن الإنجيل ضرب بشأنهم المثل فقال : سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
ذاك أنهم فى بدء الإسلام كانوا قليلى العدد ثم كثروا واستحكموا وترقى أمرهم يوما قيوما حتى أعجب الناس بهم، فإن النبي صلى اللّه عليه وسلم قام وحده ثم قوّاه اللّه بمن معه كما يقوّى الطاقة الأولى من الزرع ما يحتفّ بها مما يتوالد منها.
الإيضاح
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) أي إن محمدا صلى اللّه عليه وسلم رسول اللّه بلا شك ولا ريب مهما أنكر المنكرون، وافترى الجاحدون.
(وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) أي إن صحابته الذين معه غليظة قلوبهم على الكفار، رقيقة قلوب بعضهم على بعض، لينة أنفسهم لهم، هينة عليهم.
ونحو الآية قوله :« فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ » وقوله : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً »
وفى الحديث « مثل المؤمنين فى توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى والسهر »
وقوله صلى اللّه عليه وسلم « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه »
وعلى هذا جاء قوله :
حليم إذا ما الحلم زين أهله على أنه عند العدو مهيب