ج ٢٦، ص : ١٢١
فضرب فى صدره وقال : الحمد للّه الذي وفق رسول رسوله لما يرضى رسوله » رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فتراه قد أخر رأيه واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة، ولو قدمه لكان من المتقدمين بين يدى اللّه ورسوله.
والخلاصة - إنه طلب إليهم أن ينقادوا لأوامر اللّه ونواهيه، ولا يعجلوا بقول أو فعل قبل أن يقول الرسول أو أن يفعل، فلا يذبحوا يوم عيد الأضحى قبل أن يذبح، ولا يصوم أحد يوم الشك وقد نهى عنه.
وأشار إلى ثانيهما بقوله :
(٢) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) أي إذا نطق ونطقتم فلا ترفعوا أصواتكم فوق صوته، ولا تبلغوا بها وراء الحد الذي يبلغه، لأن ذلك يدل على قلة الاحتشام، وترك الاحترام.
روى البخاري بسنده عن ابن أبى مليكة « أن عبد اللّه بن الزبير رضى اللّه عنه أخبره أنه قدم ركب من تميم على النبي صلّى اللّه عليه وسلم، فقال أبوبكر رضى اللّه عنه :
أمّر القعقاع بن معبد، وقال عمر : بل أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر رضى اللّه عنه : ما أردت إلا خلافى، فقال عمر رضى اللّه عنه : ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت :(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ) الآية. فكان أبوبكر بعدها لا يكلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلا كأخى السرار، وما حدّث عمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بعد ذلك فسمع كلامه حتى يستفهمه مما يخفض صوته »
.
وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) أي وإذا كلمتموه وهو صامت فإياكم أن تبلغوا به الجهر الذي يدور بينكم، أو أن تقولوا يا محمد، يا أحمد، بل خاطبوه بالنبوة مع الإجلال والتعظيم، خشية أن يؤدى ذلك إلى الاستخفاف بالمخاطب فتكفروا من حيث لا تشعرون.


الصفحة التالية
Icon