ج ٢٦، ص : ١٢٢
ولما نزلت هذه الآية تخلف ثابت بن قيس عن مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم فدعاه إليه صلّى اللّه عليه وسلم، فقال يا رسول اللّه : لقد أنزلت هذه الآية وإنى رجل جهير الصوت، فأخاف أن يكون عملى قد حبط، فقال عليه الصلاة والسلام :
لست هناك، إنك تعيش بخير وتموت بخير، وإنك فى أهل الجنة، فقال : رضيت ببشرى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، لا أرفع صوتى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أبدا، فأنزل اللّه :
(إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)
أي إن الذين ضرب اللّه قلوبهم بأنواع المحن والتكاليف الشاقة حتى طهرت وصفت بما كابدت من الصبر على المشاقّ، لهم مغفرة لذنوبهم، وأجر عظيم لغضهم أصواتهم ولسائر طاعاتهم.
روى أحمد فى الزهد عن مجاهد قال : كتب إلى عمر، يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهى المعصية ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهى المعصية ولا يعمل بها ؟ فكتب عمر رضى اللّه عنه، إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ).
[سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ٤ الى ٥]
إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
تفسير المفردات
من وراء الحجرات : أي من خارجها سواء كان من خلفها أو من قدامها، إذ أنها من المواراة وهى الاستتار، فما استتر عنك فهو وراء، خلفا كان أو قداما، فإذا رأيته


الصفحة التالية
Icon