ج ٢٦، ص : ١٧١
فيصل نداؤه إلى كل الخلائق على السوية، ويقول : هلموا إلى الحساب، فيخرجون من قبورهم ويقبلون. كأنهم جراد منتشر.
ثم زاد الأمر تفصيلا فقال :
(يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ) أي يوم يسمعون النفخة الثانية منذرة بالبعث والجزاء على ما قدموا من الأعمال.
ثم ذكر ما يقال لهم حينئذ فقال :
(ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) أي هذا اليوم هو يوم الخروج من القبور.
ثم لخص ما تقدم من أول السورة إلى هنا فقال :
(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) أي إنا نحن نحيى فى الدنيا ونميت فيها حين انقضاء الآجال، وإلينا الرجوع للحساب والجزاء فى الآخرة.
(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) أي إلينا المصير فى ذلك اليوم الذي تتصدع فيه الأرض فتخرج الموتى من صدوعها مسرعة، وذلك جمع هين علينا، لا عسر فيه ولا مشقة.
ثم سلى رسوله وهدد المشركين بقوله :
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ) أي نحن أعلم بما يقولون من فريتهم على ربهم وتكذيبهم بآياته، وإنكارهم قدرته على البعث بعد الموت.
(وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) أي وما أنت بمسلّط عليهم تقسرهم على الإيمان وتسيرهم على ما تهوى وتريد، إنما أنت نذير، وما عليك إلا التبليغ وعلينا الحساب.
ثم أكد أنه مذكّر لا مسيطر وأن التذكير لا ينفع إلا من خشى ربه فقال :
(فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) أي فذكر أيها الرسول بهذا القرآن الذي أنزلته عليك من يخاف وعيدي الذي أوعدته من عصانى وخالف أمرى، أي بلغ رسالة ربك، وما يتذكر بها إلا من يخاف وعيد اللّه وشديد عذابه.