ج ٢٧، ص : ٣٥
قد قدم على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بعد وقعة بدر فى فداء الأسارى، وكان إذ ذاك مشركا، فكان سماعه هذه الآية من جملة ما حمله على الدخول فى الإسلام بعد ذلك.
(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي أم لهم مرتقى إلى السماء يستمعون فيه كلام الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب، فهم لذلك مستمسكون بما هم عليه، فإن كانوا يدّعون ذلك فليأتوا بحجة تبين أنهم على الحق، كما أتى محمد صلى اللّه عليه وسلّم بالبرهان الدالّ على صدق قوله فيما جاءهم به من عند ربه.
وبعد أن رد على الذين أنكروا الألوهية بتاتا ردّ على من قالوا : الملائكة بنات اللّه، وسفه أحلامهم إذ اختاروا له البنات ولأنفسهم البنين فقال :
(أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) أي بل أ لربكم البنات ولكم البنون ؟ « تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى ».
وفى هذا إيماء إلى أن من كان هذا رأيه لا يعدّ من العقلاء فضلا عن الترقي إلى عالم الملكوت، وسماع كلام رب العزة والجبروت.
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) أي بل أ تسأل هؤلاء المشركين الذين أرسلناك إليهم على ما تدعوهم إليه من توحيد اللّه وطاعته - أجرا تأخذه من أموالهم فهم من ثقل ما حملتهم من المغرم لا يقدرون على إجابتك إلى ما تدعوهم إليه ؟.
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ؟ ) أي أم عندهم علم فهم يكتبون ذلك للناس، فينبئونهم بما شاءوا ويخبرونهم بما أرادوا - ليس الأمر كذلك، إذ لا يعلم غيب السموات والأرض إلا اللّه.
قال قتادة : وهذا جواب لقولهم : نتربص به ريب المنون، فيقول اللّه : أم عندهم الغيب حتى علموا أن محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم يموت قبلهم.
(أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) أي بل يريد هؤلاء المشركون


الصفحة التالية
Icon