ج ٢٧، ص : ٩١
فلئن لقيتك خاليين لتعلمن أيّى وأيك فارس الأحزاب
ثم ذكر مقدمات العذاب الموعود به فقال :
(إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ) أي إنا مخرجو الناقة من الهضبة التي طلبوا من نبيهم بعثها منها، لتكون آية لهم، وحجة على صدقه فى ادعائه النبوة، وتكون فتنة واختبارا لهم، أ يؤمنون باللّه ويتبعونه فيما أمرهم به من توحيد، أم يكذبونه ويكفرون به ؟.
(فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ) أي فانتظر ماذا يفعلون ؟ وأبصر ماذا يصنعون ؟ واصبر على أذاهم ولا تعجل حتى يأتى أمر اللّه، فإن اللّه ناصرك، ومهلك عدوك.
(وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) أي وأخبرهم أن ماء بئرهم مقسوم بينهم وبين الناقة، لها يوم ولهم يوم، وكل حصة منه يحضر صاحبها ليأخذها فى نوبته، فتحضر الناقة تارة، ويحضرون هم أخرى.
وقد جعلت القسمة على هذا الوجه لمنع الضرر، لأن حيوان القوم كانت تنفر منها، ولا ترد الماء وهى عليه، فصعب ذلك عليهم.
(فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ) أي فملّت ثمود هذه القسمة، وأرادوا الخلاص منها، فنادوا قدار بن سالف وكان أشقاهم ليعقرها وحضّوه على ذلك، فلبّى طلبهم وتناولها بيده وأهوى بالسيف ضربا على قوائمها، فخرت صريعة.
ثم ذكر عقابهم الفظيع فقال :
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ؟ ) قد سبق تفسير هذا.
ثم فصل هذا العذاب بقوله :
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) أي إنا أرسلنا جبريل فصاح بهم صيحة فصاروا كالحشيش البالي الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته، وكأنهم هلكوا من أمد بعيد.