ج ٢٨، ص : ١١٣
فأنى للقلب أن يهتدى، وللعقل أن يرعوى، وماذا تفيد الآيات والنذر عن قوم لا يعقلون ؟
ثم ذكر هنة أخرى لهم فقال :
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) أي هم الذين يقولون للأنصار : لا تطعموا محمدا وأصحابه حتى تصيبهم مجاعة، فيتركوا نبيهم حين يعضّهم الجوع بنابه.
ثم رد عليهم وخطّأهم فيما يقولون فقال :
(وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي وللّه جميع ما فى السموات والأرض من شىء، وبيده مفاتيح أرزاق العباد، لا يقدر أحد أن يعطى أحدا شيئا إلا بمشيئته.
(وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) ذلك لجهلهم بسنن اللّه فى خلقه، وأن اللّه قد كفل الأرزاق لعباده فى أي مكان كانوا متى عملوا وجدوا فى الحصول عليها.
ثم ذكر هنة ثالثة لهم وهى أعظمها فقال :
(يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) أي يقول عبد اللّه ابن أبىّ ومن يلوذ به من صحبه : لئن عدنا إلى المدينة لنخرجنكم منها أيها المؤمنون فإننا الأقوياء الأشداء الأعزاء، وأنتم الضعفاء الأذلاء.
ثم رد عليهم مقالهم فقال :
(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) أي وللّه الغلبة والقوّة، ولمن أعزه اللّه من الرسول والمؤمنين.
روى « أن عبد اللّه بن عبد اللّه بن أبىّ، وكان مؤمنا مخلصا، سلّ سيفه على أبيه عند ما أشرفوا على المدينة وقال : للّه علىّ ألا أغمده حتى تقول : محمد الأعز وأنا الأذل، فلم يبرح حتى قال ذلك ».
وروى « أنه وقف واستل سيفه وجعل الناس يمرون عليه حتى جاء أبوه فقال :
وراءك، قال مالك ويلك ؟ قال واللّه لا تجوز من هنا حتى يأذن لك رسول اللّه