ج ٢٨، ص : ١٥٦
المعنى الجملي
روى البخاري ومسلم عن عائشة أنها قالت :« كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحب الحلواء والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، وكان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا، فتواطأت أنا وحفصة أنّ أيّتنا دخل النبي صلى اللّه عليه وسلم عليها فلتقل له : إنى أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير (صمغ حلوله رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له العرفط يكون بالحجاز)، فقال لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له وقد حلفت، لا تخبري بذلك أحدا.
وقد كانت عائشة وحفصة متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم، ويقال إن التي دخل عليها النبي صلى اللّه عليه وسلم وحرّم على نفسه العسل أمامها هى حفصة فأخبرت عائشة بذلك، مع أن النبي صلى اللّه عليه وسلم استكتمها الخبر كما استكتمها ما أسرّها به من الحديث الذي يسرّها ويسر عائشة، أن أباها وأبا عائشة يكونان خليفتين على أمتى من بعدي، فالسر كان لها بأمرين :
(١) تحريم العسل الذي كان يبغيه عند زينب.
(٢) أمر الخلافة لأبويهما من بعده.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ ؟ ) أي يا أيها النبي لم تمتنع عن شرب العسل الذي أحله اللّه لك، تلتمس بذلك رضا أزواجك ؟
وهذا عتاب من اللّه على فعله ذلك، لأنه لم يكن عن باعث مرضى، بل كان طلبا لمرضاة الأزواج.
وفى هذا تنبيه إلى أن ما صدر منه لم يكن مما ينبغى لمقامه الشريف أن يفعله.


الصفحة التالية
Icon