ج ٢٨، ص : ١٦٣
ثم بين عظيم طاعتهم لربهم فقال :
(لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) أي لا يخالفون أمره، بل يؤدون ما يؤمرون به فى وقته بلا تراخ، فلا يقدمونه عنه، ولا يؤخرونه.
وقد أفادت الجملة الأولى نفى العناد والاستكبار عنهم فهى كقوله :« لا يستكبرون عن عبادته » وأفادت الجملة الثانية نفى الكسل عنهم فهى كقوله تعالى :
« وَلا يَسْتَحْسِرُونَ ».
وخلاصة ذلك - إنهم يمتثلون الأمر ولا يمتنعون عن تنفيذه، بل يؤدونه من غير تثاقل ولا توان.
وبعد أن ذكر شدة العذاب فى النار واشتداد الملائكة فى الانتقام من أعداء اللّه الكافرين - بين أنه يقال للكافرين لا فائدة فى الاعتذار لأنه توبة، والتوبة غير مقبولة بعد الدخول فى النار فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) فقد فات الأوان، ولا يجدى رجاء ولا اعتذار، فلات ساعة مندم.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
ثم بين السبب فى عدم فائدة الندم فقال :
(إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي لأنكم إنما تثابون اليوم وتعطون جزاء أعمالكم التي عملتموها فى الدنيا، فلا تطلبوا المعاذير منها.
والخلاصة - إن هذه الدار دار جزاء لا دار عمل، وأنتم قد دسّيتم أنفسكم فى الدنيا بالكفر والمعاصي بعد أن نهيتم عنها، فاجنوا ثمر ما غرستم، واشربوا من الكأس التي قد ملأتم.
وبعد أن ذكر أن التوبة فى هذا اليوم لا تجدى نفعا - نبّه عباده المؤمنين إلى المبادرة بالتوبة النصوح فقال :