ج ٢٨، ص : ٤٨
بنى عوف، منهم عبد اللّه بن أبىّ ابن سلول، ووديعة بن مالك، وسويد وداعس بعثوا إلى بنى النضير بما قصه اللّه علينا فى كتابه.
الإيضاح
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً). تقدم أن قلنا فى غير موضع إن مثل هذا الأسلوب (أَلَمْ تَرَ) يراد به التعجيب من حال المحدّث عنه، وأن أمره غاية فى الغرابة، وموضع للدهشة والحيرة.
فهؤلاء قوم من منافقى المدينة لهم أقوال تخالف ما يبطنون، منهم عبد اللّه بن أبىّ وشيعته رأوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شرع يحاصر بنى النضير ويقاتلهم، فأرسلوا إليهم يقولون لهم : إنا قادمون لمساعدتكم بخيلنا ورجلنا، ولا نسلمكم لمحمد أبدا فجدّوا فى قتالهم، ولا تهنوا فى الدفاع عن دياركم وأموالكم، حتى إذا اشتد الحصار، وأوغل المسلمون فى الدخول فى ديارهم، وتحريق نخيلهم، وهدم بيوتهم رأى بنو النضير أن تلك الوعود كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، وأنهم بين أمرين :
(١) الاستسلام وقبول حكم محمد عليهم.
(٢) إفناؤهم وتخريب ديارهم.
وقد أدخل اللّه الرعب فى قلوبهم، فاختاروا الدنيّة، وقبلوا الجلاء عن الديار واستبان لهم أن المنافقين كانوا كاذبين لا عهود لهم ولا وعود، كما هو دأبهم فى كل زمان ومكان.
وبعد أن كذبهم على سبيل الإجمال كذبهم تفصيلا ليزيد تعجيب المخاطب حالهم، وليبين له مبلغ خبث طويّتهم، وشدة جبنهم، وفزعهم من القتال، وأن هذه الوعود أقوال كاذبة لا كتها ألسنتهم وقلوبهم منها براء فقال :