ج ٢٩، ص : ١٣٦
ابن كلدة الجمحي - وكان شديد البطش - أ يهولنّكم التسعة عشر، أنا أدفع بمنكبي الأيمن عشرة، وبمنكبي الأيسر التسعة، ثم تمرون إلى الجنة - يقول ذلك مستهزئا »
فى رواية أن الحرث بن كلدة قال : أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فنزل قوله :« وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً » أي لم يجعلهم رجالا فيتعاطون مغالبتهم.
الإيضاح
(وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) أي وما جعلنا المدبّرين لأمر النار القائمين بعذاب من فيها إلا ملائكة، فمن يطيق الملائكة ومن يغلبهم ؟
وهؤلاء : هم النقباء والمدبرون لأمرها.
وإنما كانوا ملائكة لأنهم أقوى الخلق وأشدهم بأسا وأقومهم بحق اللّه والغضب له سبحانه، وليكونوا من غير جنس المعذّبين حتى لا يرقّوا لهم ويرحموهم.
ثم ذكر الحكمة فى اختيار هذا العدد القليل فقال :
(وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي وما جعلنا عددهم هذا العدد إلا محنة وضلالة للكافرين، حتى قالوا ما قالوا ليتضاعف عذابهم، ويكثر غضب اللّه عليهم.
وفتنتهم به أنهم استقلوه واستهزءوا به واستبعدوه وقالوا : كيف يتولى هذا العدد القليل تعذيب الثقلين.
(لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي إنه سبحانه جعل عدة خزنة جهنم هذه العدة، ليحصل اليقين لليهود والنصارى بنبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم لموافقة ما فى القرآن لكتبهم، قاله ابن عباس وقتادة ومجاهد وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon