ج ٣، ص : ٩٦
ليكون هناك شاهدا عليكم، لأنى عارف أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم به، ويصيبكم الشر في آخر الأيام، لأنكم تعملون الشر أمام الرب حتى تغيظوه بأعمال أيديكم - إلى أن قال لهم : وجّهوا قلوبكم إلى جميع الكلمات التي أنا أشهد عليكم بها اليوم، لكى توصوا بها أولادكم ليحرصوا أن يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة لأنها ليست أمرا باطلا عليكم بل هى حياتكم، وبهذا الأمر تطيلون الأيام على الأرض التي أنتم عابرون الأردن إليها لتمتلكوها).
وكذلك خبر موت موسى وكونه لم يقم في بنى إسرائيل نبى مثله بعد.
(فهذان الخبران عن كتابة موسى للتوراة وعن موته معدودان عندهم من التوراة وليسا من الشريعة المنزلة على موسى التي كتبها ووضعها بجانب التابوت، بل كتبا كغيرهما بعده).
إذا فالتوراة التي عندهم كتب تاريخية مشتملة على كثير من تلك الشريعة المنزلة، والقرآن يثبت ذلك، وأيضا ففقد كتاب الشريعة لأمة لا يجعلها تنسى جميع أحكام هذه الشريعة، فما كتبه عزرا وغيره مشتمل على ما حفظ منها إلى عهده، وعلى غيره من الأخبار، وهذا كاف في الاحتجاج على بنى إسرائيل بإقامة التوراة، والشهادة بأن فيها حكم اللّه كما جاء في سورة المائدة، وأسفارها كلها كتبت بعد السّبى يرشد إلى ذلك كثرة الألفاظ البابلية التي جاءت فيها، وقد اعترف علماء النصارى بفقد توراة موسى التي هى أصل دينهم، فقد جاء في كتاب خلاصة الأدلة السنية على صدق أصول الديانة المسيحية (والأمر مستحيل أن تبقى نسخة موسى الأصلية في الوجود إلى الآن ولا نعلم ماذا كان أمرها، والمرجح أنها فقدت مع التابوت لما خرّب بختنصّر الهيكل، وربما كان ذلك سبب حديث كان جاريا بين اليهود على أن الكتب المقدسة فقدت، وأن عزرا الكاتب الذي كان نبيا جمع النسخ المتفرقة من الكتب المقدسة وأصلح غلطها، وبذلك عادت إلى منزلتها الأصلية، ولكن من أين جمع