ج ٦، ص : ٥١
لقصد تعظيم البيت الحرام إذا لم يذكر اسم غير اللّه عليه، وهو من خرافات الجاهلية التي جاء الإسلام بمحوها.
وخلاصة ما تقدم - إن اللّه تعالى أحلّ أكل بهيمة الأنعام وسائر الطيبات من الحيوان، ما دبّ منها على الأرض، وما طار فى الهواء، وما سبح فى البحر، ولم يحرم إلا الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير وما أهل به لغير اللّه.
وقد كان بعض العرب يذبح الحيوان على اسم غير اللّه وهو شرك وفسق، وبعضهم يأكل الميتة ويقول لم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل اللّه ؟ ولكن الفارق بينهما ما فى هذا من مظنة الضرر، وفيه مهانة للنفس، ومن ثم جعل اللّه حل أكل المسلم لذلك منوطا بإتمام موته والإجهاز عليه بفعله هو ليذكر اسم اللّه عليه فلا يكون من عمل الشرك، ولئلا يقع فى مهانة أكل الميتة وخسة آكلها بأكله المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وفريسة السبع - إلى ما فى الموقوذة من إقرار الواقذ على القسوة وظلم الحيوان وذلك محرم شرعا.
ثم أضاف إلى محرمات الطعام التي كان أهل الجاهلية يستحلونها عملا آخر من أعمالهم وخرافاتهم فقال :
(وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) الأزلام واحدها زلم : وهو قطعة من الخشب على هيئة السهم، لكن لا يركب فيه النصل الذي يجرح ما يرمى به من صيد وغيره وكانت الأزلام ثلاثة، كتب على أحدها « أمرنى ربى » وعلى الثاني « نهانى ربى » والثالث غفل ليس عليه شىء، فإذا أراد أحدهم سفرا أو غزوا أو زواجا أو بيعا أو نحو ذلك أجال « حرّك » هذه الأزلام، فإن خرج له الزلم المكتوب عليه « أمرنى ربى » مضى لما أراد، وإن خرج المكتوب عليه « نهانى ربى » أمسك عن ذلك ولم يمض فيه، وإن خرج الغفل الذي لا كتابة عليه أعاد الاستقسام، وهو : طلب معرفة ما قسم له دون ما لم يقسم بواسطة الأزلام.