ج ٦، ص : ٦٥
عنكم رحيم بكم، فلا يشرع لكم إلا ما فيه الخير والنفع لكم.
(وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) من الأقذار والرذائل والمنكرات والعقائد الفاسدة فتكونوا أنظف الناس أبدانا، وأزكاهم نفوسا، وأصحهم أجسادا، وأرقاهم أرواحا.
(وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) فيجمع لكم بين طهارة الأبدان وطهارة الأرواح، والإنسان إنما هو روح وجسد، والصلاة تطهر الروح وتزكى النفس، فهى تنهى عن الفحشاء والمنكر وتعوّد المصلى مراقبة ربه فى السر والعلن، وخشيته حين الإساءة والرجاء فيه لدى الإحسان، والطهارة التي جعلها اللّه شرطا للدخول فى الصلاة ومقدمة لها تطهر البدن وتنشطه، فيسهل بذلك العمل من عبادة وغيرها، فما أجلّ نعم اللّه على عباده، وما أجدر من هدى بهداه بدوام الشكر عليه، ومن ثم ختم الآية الكريمة بقوله :
(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي وليعدكم بذلك لدوام شكرهم على تلك النعم الظاهرة والباطنة.
الحكمة فى شرع الوضوء والغسل
للوضوء والغسل فوائد أهمها :
(١) أن غسل البدن كله وغسل الأطراف يفيد صاحبه نشاطا وهمة ويزيل ما يعرض للجسد من الفتور والاسترخاء بسبب الحدث أو بغيره من الأعمال التي تؤثر تأثيره، وبذا يقيم الصلاة على وجهها ويعطيها حقها من الخشوع ومراقبة اللّه تعالى.
إذ المشاهد أنه إذا بلغ الإنسان من هذه اللذة الجسمية غايتها بالوقاع أو الإنزال حصل تهيج عصبى كبير يعقبه فتور شديد بحسب سنة رد الفعل، ولا يعيد نشاطه إلا غسل البدن كله.
(٢) أن النظافة ركن الصحة البدنية، فإن الوسخ والأقذار مجلبة الأمراض والأدواء الكثيرة، ومن ثم نرى الأطباء يشددون فى أيام الأوبئة والأمراض المعدية فى المبالغة فى النظافة، وجدير بالمسلمين أن يكونوا أصح الناس أجسادا وأقلهم أمراضا،