جانبت -ما استطعت- الاستطراد في الأبحاث وكان بإمكاني ما دامت أرض البحث مترامية الأطراف أن أستطرد في أبحاثه وأتوسع إلا أني خشيت أن يكون الاستطراد على حساب المادة العلمية الأصيلة، ولذا فإني اقتصرت في أكثر الأبحاث والمناهج على تقديم موجز لتاريخها والدراسات السابقة لها إن كان لها سابق، ثم ذكر أصولها وقواعدها وذكر أهم المؤلفات فحسب ثم إثبات ذلك بذكر نصوص متفرقة من هذه المؤلفات جميعا حسب أسس المنهج ثم دراسة لتفسير واحد أو لتفسيرين أظهر بها توافر هذه الأسس مجتمعة في كل واحد منهما وبهذا أثبت أسس المنهج أولا ثم التزام بعض المؤلفات به ثانيا وأرى ما نقص عن هذا قصورا حاولت تجنبه وما زاد عليه إطنابا حاولت تلافيه، ولعلي وفقت في ذلك إن شاء الله.
ومما يلزم التنبيه إليه أيضا أني قدمت الاتجاه العقائدي في التفسير وقدمت فيه منهج أهل السنة والجماعة فيه ليكون في أول الدراسة ميزانا يزن به القارئ ما يراه بعد من آراء، ونورا يتبين به معالم الطريق، ومعولا يهدم به صوامع الضلال والانحراف. ولهذا فإني لم أقف كثيرا عند الرد على بعض التفاسير الضالة إذ لو فعلت لجاء البحث بأضعاف حجمه، ولكان فيه من التكرار ما يبعث الملل ويفقد المنهجية فاكتفيت بتقديم بيان المنهج الحق في التفسير وحاولت جهدي أن أبين فيه الحكم الصحيح والتفسير الحق للمواضع التي تعد أصولا لمنهج آخر ليكون ردا متقدما على تفسير أو تفاسير خاطئة متأخرة.
فأذكر مثلا موقف أهل السنة والجماعة من الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- وبه يرد على ما يتلوه من مناهج يقلل أصحابها مكانة الصحابة -رضوان الله عليهم- أو من مكانة بعضهم.
وأذكر مثلا موقف أهل السنة من عقيدة البداء والتقية والعصمة ونكاح المتعة وإن كانت هذه الأبحاث لا تعد من أصول عقائد أهل السنة أو من أسس منهجهم، كرد على من صرفوا آيات القرآن لتوافق ما جاءوا به. وأظن الأمر بعد هذا قد أصبح واضحا.