ومن الملاحظات التي أنبه إليها أني لا أنقل عقائد مذهب وأصوله إلا من مؤلفات أتباعه فلم أنقل عقائد الشيعة مثلا إلا من مؤلفاتهم ولا الأباضية إلا من كتبهم، وهذا أمر واجب في مثل هذه الأبحاث فألزمت به نفسي فالتزمته والحمد لله.
ومنها أني قد أذكر تفسيرا في منهج وأذكره في منهج آخر لا يكون متعارضا مع المنهج الأول. فقد يكون مثلا تفسير "أضواء البيان" للشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى- مثالا لمنهج أهل السنة والجماعة في التفسير ولا يمنع هذا أن يكون مثالا للتفسير بالمأثور؛ لاشتماله على المنهجين وعدم التعارض بينهما. وحين أفعل ذلك فقد يكون الباعث له أحد أمرين: إما قلة التفاسير في منهج فأضطر إلى ذكر تفسير سبق التمثيل به لمنهج آخر، وإما لكون هذا التفسير التزم المنهجين التزاما بينا حتى ظهرا فيه ظهورا أوضح من غيره، فأذكره هنا وأذكره هناك.
ومن ذلك أيضا أنه لم يكن من شأني بطبيعة الحال أن أتحدث عن المفسرين جميعا أو التفاسير كلها، فهذا عمل تقصر عنه طاقتي ويعجز عنه جهدي ويضيق عنه مجال البحث؛ لذلك ذكرت في كل منهج ما يثبت وجوده في فترة البحث ومجاله، ودرست أبرز التفاسير في ذلك وعنيت بالجانب التطبيقي لإثبات ما أقول، حتى لا يكون فيما أسوقه مظنة وقد سُبِقْتُ إلى هذه الطريقة١.
ولذلك قد لا أذكر في كتابي هذا تفسيرا بعينه وإن كان كبيرا ما دمت أشرت إلى غيره مثالا لمنهجه.
ولقد أثار التزام هذه الطريقة كما أثار على غيري ممن نهجوا هذا النهج صعوبات كثيرة، لعل أولها أني لا أكاد آنس إلى طريقة مفسر وأسلوبه حتى تنقلني طبيعة البحث إلى مفسر آخر له أسلوبه الخاص وطريقته الخاصة بل ومذهبه الخاص وعقائده الخاصة، وتلك صعوبة قد لا يعانيها إلا من يكابدها.