التمهيد:
بسم الله الرحمن الرحيم
نشأة التفسير:قد أتى حين من الدهر على البشرية وهي تائهة ضالة على بسيط الأرض تعيش في بحار من الظلام وتسير في غمرة من الأوهام، ثم شاء الله أن يبعث فيهم رسولا منهم، يخرجهم من الظلمات إلى النور.
فدبّ فيها دبيب الصحة والعافية في جسد أنهكه المرض، وإن شئت فقل: أشرق فيهم نوره كما تشرق الشمس بعد ليل بهيم، فإذا بالنور يضيء أرجاء الأرض لا يستطيع له عدو منعا ولا يستطيع له دفعا، وإذا به يغشى أبصار الذين كفروا وإذا به يحرق أبصار الذين ألفوا الظلمة واعتادوا الضلال حتى صار جزءا من حياتهم فكانوا له محاربين وكانوا له معاندين ومكذبين، ولم يكن هؤلاء ولا أمثالهم بالذي يزعزع من كيان هذا النور أو يؤثر في سيره في الكون.
لم يكن ذلكم النور إلا دين الإسلام، وعماده وأساسه القرآن الكريم الذي تداعى المسلمون لقراءته وحفظه والعمل به فلم يكونوا ليتجاوزوا العشر الآيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل.
والعمل لا يكون إلا بعد علم وبعد فهم وتدبر لمعاني القرآن الكريم، وهكذا كان القوم -رضي الله عنهم- والفهم والتدبر لا يكون إلا بعد الكشف عن مرامي القرآن الكريم وبيان معانيه وحل ألفاظه وجلاء دلالاته، وهذه المعاني هي ما يجمعها مصطلح التفسير.