إلى الوقوف عند كل آية يتناولونها بالتفسير حيث يعرفون معناها بالسليقة التي طبعوا عليها؛ ولذا لم يكن تفسيرهم شاملا للقرآن كله كما هو حال من جاء من بعدهم.
ومن خصائص هذه المرحلة أيضا أنهم لا يتكلفون في التفسير ولا يتعمقون ذلك التعمق المذموم فاكتفوا من الآيات بمعناها العام ولم يلتزموا تفصيل ما لا فائدة كبيرة في تفصيله، فيكتفون مثلا بمعرفة أن المراد بقوله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ ١، أنه تعداد لنعم الله تعالى على عباده٢.
ومن خصائصه قلة التدوين، فقد كانوا في غالبهم أميين ولم تتوافر لهم وسائل وأدوات الكتابة ثم بعد هذا كله فقد نهاهم -عليه الصلاة والسلام- أن يكتبوا عنه شيئا غير القرآن خشية أن يلتبس عليهم كلامه بالآيات، ثم أذن لهم بالكتابة بعد أن أمن عليهم من اللبس.
فكتب عبد الله بن عمرو بن العاص "الصحيفة الصادقة" كما سماها صاحبها حيث قال: "هذه الصادقة فيها ما سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بيني وبينه فيها أحد"٣.
المرحلة الثانية: عهد التابعين:
انتشر عدد من الصحابة في أرجاء العالم الإسلامي يحملون على كاهلهم عبء الأمانة ويؤدون الرسالة، فكانت لهم مدارس للتفسير في أنحاء البلاد.
فأقامها عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في مكة المكرمة وكان من تلاميذه أئمة في التفسير منهم: سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة مولى ابن عباس وطاوس بن كيسان وعطاء بن أبي رباح.

١ سورة عبس: الآية ٣١.
٢ مجموع الفتاوى لابن تيمية: جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد ج١٣ ص٣٧٢.
٣ الطبقات الكبرى، ابن سعد ص١٨٩ قسم٢ ج٧؛ وتقييد العلم للخطيب البغدادي، تحقيق يوسف العش ص٨٤، وهي موجودة في مسند الإمام أحمد من ص٢٣٥ ج٩ والجزأين العاشر والحادي عشر بكاملهما وج١٢ إلى ص٥١.


الصفحة التالية
Icon