إثبات القدر ردا على من ينكره، وهذا قتادة بن دعامة السدوسي كان يقول بشيء من القدر١.
وهذا ولا شك كان نواة لظهور المذاهب الفكرية ونشأة التفسير بالرأي بعد ذلك.
المرحلة الرابعة: مرحلة "التصنيف":
ونعني بها كتابة التفسير بالمأثور مستقلا عن الحديث، شاملا لآيات القرآن، مرتبا حسب ترتيب المصحف، ومن المؤلفات في تلك المرحلة نسخة كبيرة جمعها أبو العالية، في التفسير عن أبي بن كعب٢ -رضي الله عنه- وكتب عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة تفسيرا للقرآن عن الحسن البصري٣ -رحمه الله تعالى- وكان عند زيد بن أسلم كتاب في التفسير٤. وألف إسماعيل بن عبد الرحمن السدي تفسيرا للقرآن٥، بل ومن أشهرها تفسير الطبري، رحمه الله تعالى.
ومن خصائص تلك المرحلة:
١- أن ما دون فيها كان التفسير بالمأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه وتابعيهم، وكان مشوبا بالرأي وتأييد بعض المذاهب.
٢- أنهم اعتنوا بالإسناد المتصل إلى صاحب التفسير المروي.
٣- لم تكن لهم عناية بالنقد وتحري الصحة في رواية الأحاديث في التفسير اكتفاء منهم بذكر السند، بل كان بعضهم يذكر كل ما روي في الآية من صحيح وسقيم ولم يتحر الصحة، بل لم يقصدها كابن جريج مثلا٦.

١ الطبقات الكبرى: ابن سعد ج٧ ص٢٢٩.
٢ التفسير والمفسرون: محمد حسين الذهبي ج١ ص١١٥.
٣ وفيات الأعيان: ابن خلكان ج٣ ص١٣٢.
٤ تذكرة الحفاظ: شمس الدين الذهبي ج١ ص١٣٣.
٥ الإتقان: السيوطي ج٢ ص١٨٨، تفسير الطبري ج١ ص١٥٦-١٦٠.
٦ التفسير والمفسرون: محمد حسين الذهبي ج١ ص١٥٥.


الصفحة التالية
Icon