غلب ذلك على تفسيره. فالفقيه يكاد يسرد فيه الفقه ولا شيء سواه وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع والرد على المخالفين، كالقرطبي والجصاص والإخباري ليس له هم إلا سرد القصص واستيفاءها كالثعلبي والنحوي ليس له هم إلا الإعراب وتكثير الأوجه المحتملة فيه، كالزجاج والواحدي وأبي حيان وصاحب العلوم العقلية ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وشبههم والرد عليها كالفخر الرازي حتى قال فيه بعضهم: "فيه كل شيء إلا التفسير"١.
ونشأ كثير من الفرق والمذاهب المنحرفة، وكلها يستدل بآيات من القرآن يدعم بها أصول مذهبه وإن لم توافقها انحرف بمعانيها انحرافا يلحد بها إليها.
وظهر التعصب المذهبي بأسوأ أحواله فتشعبت الآراء والمذاهب الفلسفية وتعددت مسائل الكلام.
ذلكم موجز المراحل التي مر بها التفسير في العصور السالفة مراحل بعضها لا يحتوي إلا على منهج واحد في التفسير وتعددت المناهج بتقدم المراحل فجاءت المرحلة الأخيرة شاملة لمناهج في التفسير عديدة.
مناهج التفسير عند السابقين:
يحدثنا التاريخ الإسلامي عن نكبات كبرى مر بها العالم الإسلامي من أعدائه المتربصين به، الذين أفرغوا جام غضبهم على تراث المسلمين كيف لا وهو نتاج فكرهم فأحرقوا ما أحرقوا وسرقوا ما سرقوا وألقوا في النهر ما ألقوا؛ ولذا فإنه ليس من السهل أن نجزم جزما بحصر اتجاهات التفسير عند السابقين، وإنما هو التحري المستطاع أو بعضه.
وقد تعددت مناهج التفسير وتنوعت، فإن أردنا أن نعرض لذكرها هنا فإنما هو ذكر الإشارة وإلا تداخلت الأبحاث وتشعبت، والحق أن كل عصر من