فلم يجدوا موازيا لهذا الانحراف إلا القول بتحريف القرآن وبغيره لا يستطيعون إثبات عقائدهم.
وما كان نهجي أن أعرض للرأي المخالف وأنا أسوق عقائد أهل السنة لولا أن المخالف هنا متعين أولا، والحاجة ماسة إلى بيان أسلوبه ومكره في هذا ثانيا.
ظاهر القرآن وباطنه:
وجل ما يعتمد عليه أصحاب القول بأن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا، ما روي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منها ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع" والحديث الذي سئل عنه ابن تيمية: "للقرآن باطن، وللباطن باطن إلى سبعة أبطن" فكان جوابه، رحمه الله تعالى: "أما الحديث المذكور فمن الأحاديث المختلقة التي لم يروها أحد من أهل العلم ولا يوجد في شيء من كتب الحديث، ولكن يروى عن الحسن البصري موقوفا أو مرسلا: "إن لكل آية ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا"١.
وأما حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- فقد أورده الإمام الطبري -رحمه الله تعالى- بسندين قال عنهما الشيخ أحمد شاكر: "هو حديث واحد بإسنادين ضعيفين، أما أحدهما فلانقطاعه بجهالة راويه عمن ذكره عن أبي الأحوص، وأما الآخر فمن أجل إبراهيم الهجري راويه عن أبي الأحوص"، ثم قال: "والحديث بهذا اللفظ الذي هنا ذكره السيوطي في الجامع الصغير رقم ٢٧٢٧ ونسبه للطبراني في المعجم الكبير، ورمز له بعلامة الحسن ولا ندري إسناده عند الطبراني"٢.
ومع وصف ابن تيمية -رحمه الله تعالى- لنحو هذه الأحاديث بالاختلاق وتضعيف أحمد شاكر لهما، فإن أهل السنة بينوا المراد بالظاهر والباطن فيهما.

١ مجموع الفتاوى: ابن تيمية ج١٣ ص٢٣١-٢٣٢.
٢ تفسير الطبري: تخريج أحمد محمد شاكر ج١ ص٢٢-٢٣.


الصفحة التالية
Icon