بين ذلك الإمام الطبري -رحمه الله تعالى- فقال: "وقوله صلى الله عليه وسلم: " وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا" فظهره الظاهر في التلاوة، وبطنه ما بطن من تأويله"١، وعلق على هذا الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله تعالى- بقوله: "الظاهر: ما تعرفه العرب من كلامها وما لا يعذر أحد بجهالته من حلال وحرام، والباطن: هو التفسير الذي يعلمه العلماء بالاستنباط والفقه ولم يرد الطبري ما تفعله طائفة الصوفية وأشباههم في التلعب بكتاب الله وسنة رسوله والعبث بدلالات ألفاظ القرآن وادعائهم أن لألفاظه "ظاهرا" هو الذي يعلمه علماء المسلمين و"باطنا" يعلمه أهل الحقيقة، فيما يزعمون"١.
وبين ذلك ابن تيمية -رحمه الله تعالى- حيث قسم الباطن إلى قسمين "أحدهما: باطن يخالف العلم الظاهر و"الثاني" لا يخالفه، فأما الأول فباطل: فمن ادعى علما باطنا أو علما بباطن وذلك يخالف العلم الظاهر كان مخطئا إما ملحدا زنديقا وإما جاهلا ضالا، وأما الثاني فهو بمنزلة الكلام في العلم الظاهر قد يكون حقا وقد يكون باطلا... فإن علم أنه حق قبل وإن علم أنه باطل رد وإلا أمسك عنه، وأما الباطن المخالف للظاهر المعلوم فبمثل ما يدعيه الباطنية القرامطة من الإسماعيلية والنصيرية وأمثالهم، ممن وافقتهم من الفلاسفة وغلاة المتصوفة والمتكلمين"٢. ووضح هذا في موضع آخر فقال: "وجماع القول في ذلك أن هذا الباب نوعان:
"أحدهما": أن يكون المعنى المذكور باطلا؛ لكونه مخالفا لما علم، فهذا هو في نفسه باطل فلا يكون الدليل عليه إلا باطلا؛ لأن الباطل لا يكون عليه دليل يقتضي أنه حق.
و"الثاني": ما كان في نفسه حقا، لكن يستدلون عليه من القرآن والحديث بألفاظ لم يرد بها ذلك، فهذا الذي يسمونه "إشارات" و"حقائق التفسير"

١ المرجع السابق ج١ ص٧٢.
٢ مجموع الفتاوى ج١٣ ص٢٣٥-٢٣٦.


الصفحة التالية
Icon